وقوله : { من ذَا الذى يُقْرِضُ الله } لما أمر سبحانه بالقتال ، والجهاد أمر بالإنفاق في ذلك ، و { من } استفهامية مرفوعة المحل بالابتداء ، و«ذا » خبره ، و«الذي » وصلته وصف له ، أو بدل منه ، وإقراض الله مثل لتقديم العمل الصالح الذي يستحق به فاعله الثواب ، وأصل القرض اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء ، يقال : أقرض فلان فلاناً . أي : أعطاه ما يتجازاه . قال الشاعر :
وَإذا جوزِيت قَرضاً فاجزْه *** . . .
وقال الزجاج : القرض في اللغة : البلاء الحسن ، والبلاء السيء .
كلُّ امرئ سَوفَ يُجْزَى قرضَه حَسَناً *** أو سَيِئاً وَمديناً مِثْل مَا دَانَا
فجازَى القُرُوض بِأمثَالها *** فبالخْيَر خَيْراً وبِالشر شرّاً
وقال الكسائي : القرض : ما أسلفت من عمل صالح ، أو سيء ، وأصل الكلمة القطع ، ومنه المقراض ، واستدعاء القرض في الآية إنما هو : تأنيس ، وتقريب للناس بما يفهمونه . والله هو الغني الحميد . شبه عطاء المؤمن ما يرجو ثوابه في الآخرة بالقرض ، كما شبه إعطاء النفوس ، والأموال في أخذ الجنة بالبيع ، والشراء . وقوله : { حَسَنًا } أي : طيبة به نفسه من دون مَنِّ ، ولا أذى . وقوله : { فَيُضَاعِفَهُ } قرأ عاصم ، وغيره بالألف ، ونصب الفاء . وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي بإثبات الألف ، ورفع الفاء ، وقرأ ابن عامر ، ويعقوب : «فيضعفه » بإسقاط الألف مع تشديد العين ، ونصب الفاء . وقرأ ابن كثير ، وأبو جعفر بالتشديد ، ورفع الفاء . فمن نصب ، فعلى أن جواب الاستفهام ، ومن رفع ، فعلى تقدير مبتدأ ، أي : هو يضاعفه . وقد اختلف في تقدير هذا التضعيف على أقوال . وقيل : لا يعلمه إلا الله وحده . وقوله : { والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ } هذا عام في كل شيء ، فهو القابض الباسط ، والقبض : التقتير ، والبسط : التوسيع ، وفيه وعيد بأن من بخل من البسط يوشك أن يبدل بالقبض ، ولهذا قال : { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي : هو يجازيكم بما قدمتم عند الرجوع إليه ، وإذا أنفقتم مما وسع به عليكم أحسن إليكم ، وإن بخلتم عاقبكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.