جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيۡهِ بِإِحۡسَٰنٖۗ ذَٰلِكَ تَخۡفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةٞۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (178)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ } ، أي : فرض ، { عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } ، كان بين حيين قتل ودماء ، وكان لأحد الحيين فضل على الآخر ، فحلفوا أن يقتلوا بالعبد منهم الحر ، وبالمرأة الرجل ، وبالواحد الاثنين فنزلت : { الْحُرُّ {[290]} بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى } ، أي : ليتساووا وليتماثلوا في القصاص فلا يدل على ألا يقتل الحر بالعبد ، والذكر بالأنثى كما لا يدل على عكسه ، ومن قال بعدم قتل الحر بالعبد فدليله الحديث ، وروى عن بعض {[291]} السلف أنها منسوخة بقوله تعالى : " النفس بالنفس " فالقصاص ثابت بين الحر والعبد والذكر والأنثى ، { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } ، تقديره فمن عفي له عن جنايته من جهة أخيه ، أي : ولى الدم شيء من العفو ، فإن {[292]} عفا لازم ، بمعنى : أخذ الدية بعد استحقاق الدم ، { فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } ، أي : فعلى {[293]} العافي أن يطالب الدية بالمعروف ولا يعنف ، { وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } ، أي : وعلى المعفو عنه أن يؤديها بإحسان لا يمطل ولا يبخس ، { ذَلِكَ } ، الحكم الذي هو أخذ الدية ، { تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } : مما كان محتوما على الأمم قبلكم ، من القتل في اليهود ، والعفو في النصارى ، { فَمَنِ اعْتَدَى } : بالقتل ، { بَعْدَ ذَلِكَ } : بعد العفو ، { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } : في الآخرة أو في الدنيا بأن يقتل ولا يأخذ {[294]} منه الدية .


[290]:أي الحر مقتول بالحر، أي: بقتله الحر، أي يقتص الحر بالحر/12 منه
[291]:كابن عباس وأبي مالك وسعيد بن جبير/12 منه
[292]:يعني فسرنا بشيء من العفو وهو يدل على أنه مفعول مطلق أقيم مقام الفاعل، لأن عفا لازم بقال: عفوت لفلان عما جنى/12 منه، قيل عفى بمعنى: محا، وإذا كان كذلك فشيء مفعول به أقيم مقام الفاعل/12 منه
[293]:يعني فاتباع مبتدأ، خبره محذوف، وقيل: تقديره الأمر اتباع/12 منه
[294]:هذا مذهب بعض السلف يعني من قتل بعد أخذ الدية أو قبولها فعذابه القتل وقد كان الولي في الجاهلية يؤمن القاتل بقبول الدية ثم يظفر به فيقتله/12 منه