{ يأيها الذين آمنوا كتب } أي : فرض { عليكم القصاص } وهو المساواة والمماثلة { في القتلى } وصفاً وفعلاً { بالحرّ } يقتل { الحرّ } ولا يقتل بالعبد { و } يقتل { العبد بالعبد و } يقتل { الأنثى بالأنثى } وبينت السنة أنّ الذكر يقتل بالأنثى وأنّ المماثلة تعتبر في الدين ، فلا يقتل مسلم ولو عبداً بكافر . وللأئمة في ذلك خلاف وأدلة مذكورة في الفقه ، وكلهم على هدى من ربهم { فمن عفي له } أي : من القاتلين { من } أي : دم { أخيه } المقتول { شيء } بأن ترك القصاص منه ، وتنكير شيء يفيد سقوط القصاص بالعفو عن بعضه ولو من بعض الورثة . وفي ذكر أخيه تعطف على العفو وإيذان بأنّ القتل لا يقطع أخوة الإيمان . ومن مبتدأ شرطية أو موصولة والخبر { فاتباع } أي : فعلى العافي اتباع للقاتل { بالمعروف } بأن يطالبه بالدية بلا عنف ، وترتيب الاتباع على العفو يفيد أنّ الواجب أحدهما ، وهو أحد قولي الشافعيّ ، والثاني وهو الأصح عنده الواجب القصاص عيناً ، والدية بدل عنه ، فلو عفا ولم يسمها فلا شيء .
فإن قيل : إن عفا يتعدّى بعن لا باللام فما وجه قوله فمن عفي له أجيب : بأن عفا يتعدّى بعن إلى الجاني وإلى الذنب فيقال : عفوت عن فلان وعن ذنبه قال تعالى : عفا الله عنك وقال : عفا الله عنها ، فإذا تعدّى إلى الذنب والجاني معاً قيل : عفوت لفلان عما جنى كما تقول : غفرت له ذنبه وتجاوزت له عنه وعلى هذا ما في الآية كأنه قيل : فمن عفي له عن جنايته فاستغنى عن ذكر الجناية { وأداء } أي : وعلى القاتل أداء الدية { إليه } أي : العافي وهو الوارث { بإحسان } أي : بلا مطل ولا بخس { ذلك } الحكم المذكور في العفو والدية { تخفيف من ربكم ورحمة } لما فيه من التسهيل والنفع ؛ لأن أهل التوراة كتب عليهم القصاص البتة وحرم العفو وأخذ الدية ، وعلى أهل الإنجيل العفو وحرم القصاص والدية ، وخيرت هذه الأمّة بين الثلاث : القصاص والدية والعفو توسعة عليهم وتيسيراً . { فمن اعتدى } أي : ظلم القاتل بأن قتله { بعد ذلك } أي : العفو على الدية أو مجاناً { فله عذاب أليم } أي : مؤلم في الآخرة بالنار ، أو في الدنيا بالقتل أو أخذ الدية إن عفى عنها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.