التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (267)

قوله تعالى{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم . . . }

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : تصدقوا من أطيب أموالكم وأنفسه .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا احمد بن القاسم بن عطية ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن الأشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون ، فأنزل الله على نبيه{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم }الآية إلى آخرها .

( التفسير رقم 3172 ) . وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه ، والضياء المقدسي أيضا( الدر المنثور 1/345 ) . وهذا الأثر إسناده حسن ، وقد تكلم ابن منده وحده في جعفر بن أبي المغيرة ، لكن وثقه الإمام احمد ، وابن شاهين ، وقال الذهبي : كان صدوقا . ( انظر : ثقات ابن شاهين رقم 167 ، تهذيب التهذيب2/108 ، الميزان1/417 ) . وبقية رجال الإسناد : ما بين ثقة إمام ، وصدوق ، فيكون الإسناد حسنا كما تقدم تقريره . ويشهد له ما سيأتي عن البراء بن عازب .

قوله تعالى{ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا ان تغمضوا فيه }

قال الحاكم : أخبرنا محمد بن احمد بن إسحاق الصفار العدل . ثنا احمد بن محمد بن نصر . ثنا عمرو بن طلحة القناد . ثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب في قول الله عز وجل{ ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }قال : نزلت في الأنصار كانت الأنصار تخرج إذا كان جذاذ النخل من حيطانها أقناء البسر فيعلقونه على حد رأس اسطوانتين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل منه فقراء المهاجرين فيعمد احدهم فيدخل قنو الحشف يظن انه في كثرة ما يوضع من الأقناء فنزل فيمن فعل ذلك{ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا ان تغمضوا فيه }يقول : لو أهدي لكم لم تقبلوه إلا على استحياء من صاحبه عطاء أنه بعث إليكم بما لم يكن له فيه حاجة واعلموا ان الله غني عن صدقاتكم حميد .

( هذا حديث غريب صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . ( المستدرك2/285 ) .

قال أبو داود : حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عمارة بن عمير ، عن عمته انها سألت عائشة رضي الله عنها : في حجري يتيم افآكل من ماله ؟ فقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وولده من كسبه " .

( السنن 3/288-كتاب البيوع-باب في الرجل يأكل من مال ولده ، ح3528 )وأخرجه الترمذي( كتاب الأحكام ، ب ما جاء ان الوالد يأخذ من مال ولده ح 1358 ) ، والنسائي( 7/241-كتاب البيوع ، ب الحث على الكسب )كلاهما من طريق عمارة بن عمير به . وأخرجه ابن ماجة ( كتاب التجارات ، ب الحث على المكاسب ح 2137 )من طريق إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة به . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وصححه الألباني( صحيح الجامع2/49 ) .

قال النسائي : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع ، عن ابن وهب قال : حدثني عبد الجليل بن حميد اليحصبي ان ابن شهاب حدثه قال : حدثني أبو امامة بن سهل بن حنيف في الآية التي قال الله عز وجل{ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }قال : هو الجعرور ولون حبيق فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تؤخذ في الصدقة الرذالة . ( السنن5/43-كتاب الزكاة-باب قوله عز وجل{ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } )وأخرجه ابن خزيمة( 4/39-كتاب الزكاة-باب الزجر عن إخراج الحبوب والتمور الرديئة ح 2312 )من طريق يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب به . وأخرجه لحاكم من طريق الزهري به ، وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك2284 )قال الألباني : إسناده حسن صحيح . والجعرور : نوع ردئ من التمر( المصباح المنير1/102 ) ) . والحبيق : لون من الدقل ردئ( مختار الصحيح205 ) .

انظر حديث أبي هريرة المتقدم عند تفسير الآية( 172 )من سورة البقرة .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال : { ولا تيمموا } ، لاتعمدوا .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال : { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } ، قال : كانوا يتصدقون-يعني من النخل-بحشفه وشراره ، فنهوا عن ذلك ، وأمروا ان يتصدقوا بطيبه .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال : { ولستم بآخذيه إلا ان تغمضوا فيه }يقول : لستم بآخذي هذا الردئ بسعر هذا الطيب ، إلا ان يغمض لكم فيه .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوا بحساب الجيد حتى تنقصوه ، قال فذلك قوله{ إلا أن تغمضوا فيه }فكيف ترضون لي ما لا ترضون لنفسكم وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه ؟ وهو قوله{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }آل عمران : 92 .