الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (267)

قوله : ( يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) [ 266 ] .

قال علي رضي الله عنه : " من الذهب والفضة ، الجياد منها " ( {[8781]} ) . أي زكوا من ذلك .

وقيل : من الحلال( {[8782]} ) .

وقال مجاهد : " ما كسبتم من التجارة ، ( وَمِمَّا أَخْرَجْنَا( {[8783]} ) لَكُم مِّنَ الاَرْضِ ) : يعني ما فيه زكاة مما بينته( {[8784]} ) السنة " ( {[8785]} ) .

( وَلاَ تَيَمَّمُوا( {[8786]} ) الخَبِيثَ ) [ 266 ] .

أي الرديء ، أي لا تعمدوا إلى الرديء تتصدقون( {[8787]} ) به فتجعلوه زكاتكم( {[8788]} ) . ونزلت هذه الآية في رجل من الأنصار ، علق قِنوا( {[8789]} ) من حشف( {[8790]} ) للصدقة وكانوا يعلقون( {[8791]} ) في أيام الجداد( {[8792]} ) في مسجد النبي [ عليه السلام ]/( {[8793]} ) بين كل أسطوانتين أقناء يأكل( {[8794]} ) منها المهاجرون والأنصار ، فعلق هذا الرجل قنوا من حشف( {[8795]} ) فنهوا عن ذلك( {[8796]} ) ، وهو الخبيث يراد( {[8797]} ) به الرديء . وقال علي : " كان الرجل يعزل الرديء من التمر للصدقة ، فنزلت الآية( {[8798]} ) " . وهو قول الحسن ومجاهد وعطاء( {[8799]} ) .

وقال ابن زيد : " الخبيث : /الحرام( {[8800]} ) " .

أي لا تتصدقوا من الحرام ، وتصدقوا من الحلال( {[8801]} ) .

قوله : ( وَلَسْتُم بِئَاخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا( {[8802]} ) ) [ 266 ] .

أي لستم بآخذين الرديء من المال من( {[8803]} ) غرمائكم إلا عن إغماض منكم ؛ أي كراهية ، فتأخذونه كأنكم قد أغمضتم أعينكم ، فال ترونه كراهة فيما أعطيتم .

وقرأ( {[8804]} ) الحسن " أن تُغْمَضُوا " ( {[8805]} ) بفتح الميم وضم التاء( {[8806]} ) . أي لستم( {[8807]} ) تأخذونه حتى تنقصوا( {[8808]} ) من سعر( {[8809]} ) غيره . وكذلك قرأ قتادة( {[8810]} ) .

قيل : معناه : لستم تأخذونه إلا أن يهضم لكم من ثمنه أي ينقص( {[8811]} ) . وقرأ الزهري : " تَغْمِضُوا " بفتح التاء ، وكسر الميم( {[8812]} ) .

وعنه أيضاً بضم التاء ، وتشديد( {[8813]} ) الميم( {[8814]} ) .

وقال علي : " لستم ممن يأخذ الرديء حتى يهضم لكم " ( {[8815]} ) . أي يرخص عليكم( {[8816]} ) من ثمنه ، فيقول تعالى : " ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم إلا عن تغمض وترخص في أخذه وكراهة " .

وقال ابن زيد : " لستم ممن يأخذ الحرام حتى يغمض لكم فيه من الإثم " ( {[8817]} ) .

قوله : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ )( {[8818]} ) [ 266 ] .

أي غني عن أن تتصدقوا( {[8819]} ) بالرديء والدنيء ، وتأخذوا( {[8820]} ) لأنفسكم الجيد( {[8821]} ) .

/( حَمِيدٌ ) لمن تصدق بطيب ماله .


[8781]:- انظر: جامع البيان: 5/556.
[8782]:- انظر: جامع البيان: 5/556، والدر المنثور: 2/47.
[8783]:- في ع3: أجرنا. وهو تحريف.
[8784]:- في ع3: ينبته. وهو تحريف.
[8785]:- انظر تفسيره: 1/117.
[8786]:- في ع3: تتيمموا.
[8787]:- في ع3: تتصدقوا.
[8788]:- وهو معنى قول جابر بن عبد الله في جامع البيان: 5/559، ولباب النقول: 49.
[8789]:- والقِنوا: العنق بما فيه من الرطب. وجمعه أَقْنَاءٌ وَقِنْوَانٌ. ومنه قوله تعالى: (وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ) [الأنعام: 100]. انظر اللسان: 3/178.
[8790]:- في ق: خشب. وهو تصحيف. والخشف هو التمر الرديء. اللسان: 1/644.
[8791]:- في ع3: يعقلون. وهو تحريف.
[8792]:- والجداد هو صَرامُ النخل أي قطع ثمرها. انظر اللسان: 1/415.
[8793]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[8794]:- في ع3: يأكلون.
[8795]:- في ق: خشب. وهو تحريف.
[8796]:- انظر: أسباب النزول: 76، ولباب النقول: 49، وقد رواه الترمذي عن البراء بن عازب وقال: حسن صحيح غريب. راجع سننه: 5/218-219.
[8797]:- في ع3: يقال.
[8798]:- انظر: جامع البيان: 5/562.
[8799]:- انظر: جامع البيانك 5/562.
[8800]:- انظر: جامع البيان: 5/563، والمحرر الوجيز: 2/323.
[8801]:- في ع3: بالحلال.
[8802]:- في ح: تغمضوا فيه.
[8803]:- في ق: عن.
[8804]:- سقط حرف الواو من ع3.
[8805]:- في ع3: تغتمضوا.
[8806]:- راجع الإملاء: 1/114، وتفسير القرطبي: 3/327.
[8807]:- في ع2، ع3: ولستم.
[8808]:- في ع2: تنقضوا، وهو تصحيف.
[8809]:- في ع1، ع2، ع3: سعرهم.
[8810]:- انظر: المحتسب: 1/139-140.
[8811]:- انظر: تفسير الغريب: 98، والقول للحسن البصري في المحرر الوجيز: 2/325، وتفسير القرطبي: 3/326.
[8812]:- انظر: الإملاء: 1/115.
[8813]:- في ق: تسديد، وهو تصحيف.
[8814]:- انظر: المحتسب: 1/139-140، والإملاء: 1/114.
[8815]:- انظر: جامع البيان: 5/564، والمحرر الوجيز: 2/325.
[8816]:- في ع3: لكم.
[8817]:- انظر: جامع البيان: 5/567، والمحرر الوجيز: 2/326، وتفسير القرطبي: 3/326.
[8818]:- سقط من ق. وفي ع2، ع3: غني حميد.
[8819]:- في ق، ع3: تصدقوا.
[8820]:- في ع2، ع3: تأخذون.
[8821]:- في ع2: الحميد. وفي ع3: جيداً.