قوله : { مِن طيبات مَا كَسَبْتُمْ } أي : من جيد ما كسبتم ، ومختاره ، كذا قال الجمهور . وقال جماعة : إن معنى الطيبات هنا : الحلال . ولا مانع من اعتبار الأمرين جميعاً ؛ لأن جيد الكسب ، ومختاره إنما يطلق على الحلال عند أهل الشرع ، وإن أطلقه أهل اللغة على ما هو جيد في نفسه حلالاً كان أو حراماً ، فالحقيقة الشرعية مقدّمة على اللغوية . وقوله : { وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم منَ الأرض } أي : ومن طيبات ما أخرجنا لكم من الأرض ، وحذف لدلالة ما قبله عليه ، وهي : النباتات ، والمعادن ، والركاز . قوله : { وَلاَ تَيَمَّمُوا الخبيث } أي : لا تقصدوا المال الرديء ، وقرأه الجمهور بفتح حرف المضارعة وتخفيف الياء ، وقرأ ابن كثير بتشديدها . وقرأ ابن مسعود : «ولا تأمموا » وهي لغة . وقرأ أبو مسلم بن خباب بضم الفوقية ، وكسر الميم . وحكى أبو عمرو : أن ابن مسعود قرأ : «تئمموا » بهمزة بعد المضمومة ، وفي الآية الأمر بإنفاق الطيب ، والنهي عن إنفاق الخبيث . وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن الآية في الصدقة المفروضة ، وذهَب آخرون إلى أنها تعم صدقة الفرض ، والتطوّع ، وهو : الظاهر ، وسيأتي من الأدلة ما يؤيد هذا ، وتقديم الظرف في قوله : { مِنْهُ تُنفِقُونَ } يفيد التخصيص أي : لا تخصوا الخبيث بالإنفاق ، والجملة في محل نصب على الحال أي : لا تقصدوا المال الخبيث مخصصين الإنفاق به قاصرين له عليه . قوله : { وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ } أي : والحال أنكم لا تأخذونه في معاملاتكم في وقت من الأوقات هكذا بين معناه الجمهور ، وقيل : معناه : ولستم بآخذيه لو وجدتموه في السوق يباع . وقوله : { إِلا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ } هو من أغمض الرجل في أمر كذا : إذا تساهل ورضي ببعض حقه ، وتجاوز ، وغض بصره عنه ، ومنه قول الشاعر :
إلى كَمْ وَكَمْ أشْيَاءُ مِنْكَ تُرِيبُني *** أُغَمِّض عنها لستُ عَنْها بِذي عَمَي
وقرأ الزهري بفتح التاء ، وكسر الميم مخففاً . وروى عنه أنه قرأ بضم التاء ، وفتح الغين ، وكسر الميم مشدّدة ، وكذلك قرأ قتادة ، والمعنى على القراءة الأولى من هاتين القراءتين : إلا أن تهضموا سومها من البائع منكم ، وعلى الثانية : إلا أن تأخذوا بنقصان . قال ابن عطية : وقراءة الجمهور تخرّج على التجاوز ، أو على تغميض العين ، لأن أغمض بمنزلة غمض ، وعلى أنها بمعنى حتى ، أي : حتى تأتوا غامضاً من التأويل ، والنظر في أخذ ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.