ولما ذكر سبحانه وتعالى أن الإنفاق على قسمين وبين كل قسم وضرب له مثلاً ذكر كيفية الإنفاق بقوله تعالى :
{ ي أيها الذين آمنوا أنفقوا } أي : زكوا { من طيبات } أي : جياد { ما كسبتم } من المال والتجارة والصناعة ، وفيه دلالة على إباحة الكسب ، وأنه ينقسم إلى طيب وخبيث . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإنّ ولده من كسبه ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده ) وكان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده ) .
والزكاة واجبة في مال التجارة فبعد الحول تقوم العروض ، فيخرج من قيمتها عشرين ديناراً ، أو مائتي درهم فضة فيزكيها ، قال سمرة بن جندب : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعدّ للبيع ) .
{ ومما } أي : ومن طيبات ما { أخرجنا لكم من الأرض } من الحبوب والثمار والمعادن فحذف المضاف وهو طيبات من الثاني لتقدّم ذكره . وفي هذا أمر بإخراج العشر من الثمار والحبوب ، واتفق أهل العلم على إيجاب العشر في النخيل والكروم وفيما يقتات من الحبوب إن كان مسقياً بماء السماء ، أو من نهر يجري الماء فيه من غير مؤنة ، وإن كان مسقياً بساقية أو نضح ففيه نصف العشر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عشرياً العشر ، وفيما يسقي بالنضح نصف العشر ) وعنه : ( ليس في حب ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق ) وقال قوم الآية في صدقة التطوع قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كانت له صدقة ) .
{ ولا تيمموا } أي : لا تقصدوا { الخبيث } أي : الرديء { منه } أي : المذكور { تنفقون } في الزكاة حال من ضمير تيمموا { ولستم بآخذيه } أي : الخبيث { إلا أن تغمضوا } أي : تسامحوا { فيه } بالحياء مع الكراهة مجاز من أغمض بصره إذا غضه .
وروي عن البراء قال : لو أهدي ذلك لكم ما أخذتموه إلا على استحياء من صاحبه وغيظ ، فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم ؟ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كانوا يتصدّقون بحشف التمر وشواره فنهوا عن ذلك ، هذا إذا كان المال كله أو بعضه جيداً فإن كان كل ماله ردياً فلا بأس بإعطاء الرديء { واعلموا أنّ الله غنيّ } عن إنفاقكم وإنما يأمركم به لانتفاعكم { حميد } أي : يجازي المحسن أفضل الجزاء على أنه لم يزل محموداً ولا يزال عذب أو أثاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.