ولما رغب في الفعل وتخليصه عن الشوائب أتبعه المال المنفق منه فأمر بطيبه فقال : { يا أيها الذين آمنوا } أي أقروا بالإيمان { أنفقوا } أي تصديقاً لإيمانكم { من طيبات ما كسبتم } وإنما قدم الفعل لأنه ألصق بالإنسان وتطييبه أعم نفعاً ، ولما ذكر {[12958]}ما أباحه سبحانه{[12959]} وتعالى من أرباح{[12960]} التجارات ونحوها أتبعه ما أباحه من منافع النباتات{[12961]} ونحوها منبهاً بذلك على أن كل ما يتقلب{[12962]} العباد فيه من أنفسهم وغيرها نعمة منه أنشأها من الأرض التي أبدعها من العدم ترغيباً في الجود به وفي جعله خياراً حلالاً وترهيباً من الشح به وجعله ديناً أو حراماً فقال : { ومما أخرجنا } أي بعظمتنا { لكم } نعمة منا عليكم { من الأرض } قال الحرالي : قدم{[12963]} خطاب المكتسبين بأعمالهم كأنهم المهاجرون وعطف عليهم المنفقين من الحرث والزرع كأنهم الأنصار - انتهى .
ولما أمر بذلك أكد الأمر به بالنهي عن ضده فقال : { ولا تيمموا } أي{[12964]} لا تتكلفوا أن تقصدوا { الخبيث منه } أي خاصة { تنفقون } قال الحرالي : الخبيث صيغة مبالغة بزيادة الياء من الخبث وهو ما ينافر{[12965]} حس النفس : ظاهره وباطنه ، في مقابله{[12966]} ما يرتاح إليه من الطيب الذي ينبسط{[12967]} إليه ظاهراً وباطناً{[12968]} ، وقال{[12969]} : ففي إلاحته معنى حصر{[12970]} كأنهم لا ينفقون إلا منه ليتجاوز النهي{[12971]} من ينفق من طيبه وخبيثه على غير قصد اختصاص النفقة من الخبيث - انتهى . ثم أوضح قباحة ذلك بقوله : { ولستم بآخذيه } أي إذا كان لكم على أحد حق فأعطاكموه { إلا أن تغمضوا } أي تسامحوا { فيه } {[12972]}بالحياء مع الكراهة{[12973]} . قال الحرالي : من الإغماض وهو الإغضاء عن العيب{[12974]} فيما يستعمل ، أصله من الغمض وهي نومة تغشي الحس ثم تنقشع ، وقال : ولما كان الآخذ هو الله سبحانه وتعالى ختم بقوله : { واعلموا } انتهى .
وعبر بالاسم الأعظم فقال : { أن الله }{[12975]} المستكمل لجميع صفات الكمال من الجلال والجمال { غني } يفضل{[12976]} على من أسلف خيراً رغبة{[12977]} فيما عنده وليست به حاجة تدعوه إلى أخذ الرديء ولا رغبكم{[12978]} في أصل الإنفاق لحاجة منه إلى شيء مما عندكم وإنما ذلك لطف منه بكم ليجري عليه {[12979]}الثواب والعقاب{[12980]} { حميد * } يجازي المحسن أفضل الجزاء على أنه لم يزل محموداً ولا يزال عذب أو أثاب . قال الحرالي{[12981]} : وهي صيغة مبالغة بزيادة ياء من الحمد الذي هو سواء أمر الله الذي لا تفاوت فيه من جهة إبدائه{[12982]} وافق الأنفس أو خالفها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.