التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

قوله تعالى { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين } .

قال البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ؛ فقال : أي عمّ ؛ قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ! فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويُعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول لا إله إلا الله . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فأنزل الله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } ، وأنزل الله في أبي طالب ؛ فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم { إنك لا تهدي من أحببت ، ولكن الله يهدي من يشاء } . ( صحيح البخاري 8/ 365- ك التفسير- سورة القصص ح 4772 ) ، ( صحيح مسلم 1/ 54- ك الإيمان ، ب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ح 24 ) .

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله { وهو أعلم بالمهتدين } قال : بمن قدر له الهدى والضلالة .

قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يهدي من أحب هدايته ؛ ولكنه جل وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه ، وهو أعلم بالمهتدين . وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله { إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل } الآية ، وقوله { ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم } .