إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي } هدايةً موصِّلةً إلى البُغيةِ لا محالةَ { مَنْ أَحْبَبْتَ } من النَّاسِ ، ولا تقدرُ على أنْ تدخلَه في الإسلامِ ؛ وإنْ بذلت فيه غايةَ المجهودِ وجاوزتَ في السعيِ كلَّ حدَ معهودٍ { ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَاء } أنْ يهديَه فيدخلَه في الإسلامِ . { وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين } بالمستعدِّينَ لذلك . والجمهورُ على أنَّها نزلتْ في أبي طالبٍ ؛ فإنَّه لما احتُضر جاءه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقالَ له : ( يا عمِّ ؛ قُل لا إله إلا الله ؛ كلمةً أحاجُّ بها لك عندَ الله ){[632]} . قال له : يا ابنَ أخِي ؛ قد علمتُ إنَّك لصادقٌ ؛ ولكنِّي أكرَه أنْ يقال خرعَ عند الموتِ . ولولا أنْ يكونَ عليك وعلى بني أبيكَ غضاضةٌ بعدي لقُلتها ولأقررتُ بها عينَك عندَ الفراقِ ؛ لما أَرَى من شدَّة وَجْدِك ونصيحتِك ؛ ولكنِّي سوفَ أموتُ على ملَّةِ الأشياخِ : عبدِ المطَّلبِ ، وهاشمٍ ، وعبدِ منافٍ .


[632]:أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار باب (40) وفي كتاب التفسير سورة (9) باب (16) والسورة (28) باب (1) وفي كتاب الأيمان باب (19)؛ وأحمد في مسنده (5 / 433).