الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

{ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ } : لا تقدر أن تدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم ؛ لأنك عبد لا تعلم المطبوع على قلبه من غيره ؛ { ولكن الله } يدخل في الإسلام { مَن يَشَآءُ } وهو الذي علم أنه غير مطبوع على قلبه ، وأن الألطاف تنفع فيه ؛ فيقرن به ألطافه حتى تدعوه إلى القبول . { وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين } : بالقابلين من الذين لا يقبلون .

قال الزجاج : أجمع المسلمون أنها نزلت في أبي طالب . وذلك أن أبا طالب قال عند موته : يا معشر بني هاشم ؛ أطيعوا محمداً وصدِّقوه تفلحوا وترشدوا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « تأمرهم بالنصيحة لأنفسهم وتدعها لنفسك ! » قال : فما تريد يا ابن أخي ؟ قال : « أريد منك كلمة واحدة ؛ فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا : أن تقول لا إله إلا الله ؛ أشهد لك بها عند الله » . قال : يا ابن أخي ؛ قد علمت إنك لصادق ؛ ولكني أكره أن يقال : خرع عند الموت . ولولا أن تكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة ومسبة بعدي لقلتها ، ولأقررت بها عينك عند الفراق ؛ لما أرى من شدّة وجدك ونصيحتك ؛ ولكني سوف أموت على ملة الأشياخ ؛ عبد المطلب وهاشم وعبد مناف .