محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

{ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } أي لا تقدر أن تدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم { وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء } أي أن يهديه ؛ فيدخله في الإسلام بعنايته . { وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } أي القابلين للهداية ؛ لاطلاعه على استعدادهم وكونهم غير مطبوع على قلوبهم .

تنبيه :

رواه البخاري {[6005]} في ( صحيحه ) في تفسير هذه الآية عن سعيد بن المسيب عن أبيه ؛ قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة . فقال : أي عم ؛ قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله . فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ، ويعيدانه بتلك المقالة ؛ حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول لا إله إلا الله . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لأستغفرن لك ما دمت لم أنه عنك . فأنزل الله {[6006]} : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } ، وأنزل الله في أبي طالب ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {[6007]} { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } .

قال ابن كثير : وهكذا رواه مسلم {[6008]} في ( صحيحه ) ، والترمذي {[6009]} أيضا من حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، والإمام أحمد من حديثه أيضا . وهكذا قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة : إنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه الاسلام . انتهى .

وقال ابن حجر في ( فتح الباري ) : لم تختلف النقلة في أنها نزلت في أبي طالب . انتهى . وقدمنا مرارا معنى قولهم نزلت الآية في كذا . فانظر المقدمة ، وغير موضع بعدها .


[6005]:أخرجه في: 65 – كتاب التفسير، 28 – سورة القصص، 1 – باب قوله: {إنك لا تهدي من أحببت}، حديث 717.
[6006]:(9 التوبة 113).
[6007]:(28 القصص 56)ز
[6008]:أخرجه في: 1 – كتاب الإيمان، حديث 39 (طبعتنا).
[6009]:أخرجه في: 44 – كتاب التفسير، 28 – سورة القصص.