ولما كان من المعلوم أن نفس النبي صلى الله عليه وسلم لما جبلت عليه من الخير والمحبة لنفع جميع العباد ؛ لا سيما العرب لقربهم منه صلى الله عليه وسلم ، لاسيما أقربهم منه صلة للرحم ؛ تتأثر بسبق أهل الكتاب لقومه ، وكان ربما ظن ظان أن عدم هدايتهم لتقصير في دعائه أو إرادته لذلك ، وأنه لو أراد هدايتهم وأحبها ، وعلق همته العلية بها لاهتدوا ؛ أجيب عن هذا بقوله تعالى في سياق التأكيد إظهاراً لصفة القدرة والكبرياء والعظمة : { إنك لا تهدي من أحببت } أي نفسه أو هدايته بخلق الإيمان في قلبه ؛ وإنما في يدك الهداية التي هي الإرشاد والبيان .
ولما كان ربما ظن من أجل الإخبار بتوصيل القول وتعليله ونحو ذلك من أشباهه أن شيئاً من أفعالهم يخرج عن القدرة ، قال نافياً لهذا الظن مشيراً إلى الغلط في اعتقاده بقوله : { ولكن الله } المتردي برداء الجلال والكبرياء والكمال وله الأمر كله { يهدي من يشاء } هدايته بالتوفيق إلى ما يرضيه { وهو } أي وحده { أعلم بالمهتدين* } أي الذين هيأهم لتطلب الهدى عند خلقه لهم ، فيكونوا عريقين فيه سواء كانوا من أهل الكتاب أو العرب ، أقارب كانوا أو أباعد . روى البخاري في التفسير عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنه : قال : " لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيره ؛ فقال : أي عم ! قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ؛ فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فأنزل الله عز وجل { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى } ، وأنزل الله في أبي طالب ؛ فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } - الآية - " انتهى .
وقال في كتاب التوحيد : { إنك لا تهدي من أحببت } : قال سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنه : نزلت في أبي طالب . وفي مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتوحيد فقال : لولا أن تعيرني نساء قريش لأقررت بها عينك ؛ فأنزل الله الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.