التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡـٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ} (25)

قوله تعالى : { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين }

قال مسلم : وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس عن ابن شهاب . قال : حدثني كثير بن عباس بن عبد المطلب قال : قال عباس : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم نفارقه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له ، بيضاء ، أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي ، فلما التقى المسلمون والكفار ، ولى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار . قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أي عباس ناد أصحاب السمرة ) . فقال عباس " وكان رجلا صيتا " : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم ، حين سمعوا صوتي ، عطفة البقر على أولادها . فقالوا : يا لبيك ! يا لبيك ! قال : فاقتتلوا والكفار ، والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار ، يا معشر الأنصار . قال : ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج ، يا بني الحارث بن الخزرج ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته ، كالمتطاول عليها ، إلى قتالهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هذا حين حمي الوطيس ) . قال : ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار . ثم قال : ( انهزموا ورب محمد ) . قال : فذهبت أنظر ، فإذا القتال على هيئته فيما أرى . قال : فو الله ما هو إلا أن رماهم بحصياته . فما زلت حدهم كليلا وأمرهم مدبرا .

قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا أبو خيثمة ، عن أبي إسحاق قال : قال رجل للبراء ، يا أبا عمارة أفررتم يوم حنين ؟ قال : لا . والله ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح ، أو كثير سلاح ، فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم ؛ جمع هوازن وبني نصر ، فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون ، فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به فنزل فاستنصر .

وقال : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب )

ثم صفهم .

[ الصحيح 3/1398 – 1400 ح 1775 و 1776 – ك الجهاد والسير ، ب في غزوة حنين .

قال أحمد : ثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة ، قال : أنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان والإبل والغنم فجعلوها صفوفا وكثرن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما التقوا ولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عباد الله ، أنا عبد الله ورسوله ) . ثم قال : ( يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله فهزم الله المشركين ولم يضربوا بسيف ولم يطعنوا برمح . . . ) الحديث .

[ المسند 3/279 ] ، وأخرجه أحمد أيضا [ المسند 3/190 ] ، والحاكم في[ المستدرك 2/130 ] ، والبيهقي في [ الدلائل 5/150 ] من طريق حماد بن سلمة به ، وقال الحاكم : حديث صحيح على شرط مسلم ، وأقره الذهبي . وأصله الصحيحين من وجه آخر عن أنس بدون الإشارة للآية [ انظر صحيح البخاري ح 4333 و 4337 – ك المغازي ، ب غزوة الطائف ] ، [ وصحيح مسلم ح 1059 – ك الزكاة ، ب إعطاء المؤلفة قلوبهم ] .