تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡـٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ} (25)

{ لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } يعني : يوم بدر ، والأيام التي نصر الله فيها النبي والمؤمنين .

{ ويوم حنين } أي : وفي يوم حنين نصركم الله فيه { إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا } الآية ، وذلك أن رسول الله لما ذهب إلى حنين بعد فتح مكة ، فلقي بها جمع هوازن وثقيف ، وهم قريب من أربعة آلاف ، ورسول الله -فيما ذكر بعضهم- في اثني عشر ألفا ، فلما التقوا قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- لن نغلب اليوم من قلة . فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلمته وجدا شديدا ، وخرجت هوازن ومعها دريد بن الصمة وهو شيخ كبير . فقال دريد : يا معشر هوازن ، أمعكم من بني كلاب أحد ؟ قالوا : لا . قال : أفمن بني كعب أحد ؟ قالوا : لا . قال : أفمن بني عامر أحد ؟ قالوا : لا . قال : أفمعكم من بني هلال بن عامر أحد ؟ قالوا : لا . قال : أما والله أن لو كان خيرا ما سبقتموهم إليه ؛ فأطيعوني فارجعوا . فعصوه ، فاقتتلوا فانهزم أصحاب رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلي عباد الله . وأخذ العباس بثغر بغلة رسول الله ، ثم نادى : يا معشر المهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة ، ويا معشر الأنصار الذين آووا ونصروا ؛ إن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم هلم لكم ، وكان العباس رجلا صيتا ؛ فأسمع الفريقين كليهما فأقبلوا ، فأما المؤمنون فأقبلوا لنصر الله ورسوله ، وأما المشركون فأقبلوا ، فأما المؤمنون ليطفئوا نور الله ، فالتقوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتتلوا قتالا شديدا .