قوله : { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } ، إلى قوله : { والله غفور رحيم } [ 25 ، 56 ، 27 ] .
{ حنين }{[28418]}[ 25 ] ، : مذكر ، اسم واد بين مكة والطائف .
ومن العرب من يجعله اسما للبقعة فلا يصرفه للتأنيث والتعريف{[28419]} .
وقيل : هو واد إلى جنب ذي المجاز{[28420]} .
لغة بني تميم : " كِثْرة " ، بكسر الكاف ، وجمعه : كثر ، والفتح لغة أكثرهم ، وجمعه : كثرات ، وهما مصدارن وجمعهما قبيح .
ومعنى الآية : { لقد نصركم الله } ، أيها المؤمنون في أماكن حرب ، ونصركم يوم حنين{[28421]} أيضا{[28422]} .
هو يوم قاتل فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، هوازن وثقيفا ، وخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ، في تلك الغزوة/إثنا عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار ، وألفان من الطلقاء ، فأعجب القوم كثرهم ، فانهزموا ونزل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن بغلته{[28423]} الشهباء ، وكان العباس قد أخذ بلجام [ بغلة ]{[28424]} النبي عليه السلام{[28425]} ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، بالأذان في الناس فتراجع الأنصار ، وكان المنادي ينادي : " يا معشر الأنصار ، ويا معشر المهاجرين ، يا أصحاب الشجرة ، يا أصحاب سورة البقرة ، فجاء الناس عُنُقا{[28426]} واحدا ، ثم أنزل الله عز وجل ، نصره ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ، كفا من تراب ، وقبضة{[28427]} من حصباء ، فرمى بها وجوه القوم الكفار ، وقال{[28428]} : " شاهت الوجوه " ، فانهزموا . فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الغنائم ، ورجع إلى الجِعرَّانة{[28429]} ، فقسم بها الغنائم{[28430]} ، مغانم حنين ، وزاد أناسا منهم : أبو سفيان بن حرب ، والأقرع{[28431]} بن حابس ، وسهيل بن عمرو{[28432]} ، وغيرهم ، تألف بالزيادة قلوبهم ، فتكلمت الأنصار ، وقالت : " آثر قومه " ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في قبة له من أدم{[28433]} ، فقال : يا معشر الأنصار ما هذا الذي بلغني عنكم ؟ ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله ، وكنتم أذلة فأعزكم الله ، وكنتم وكنتم . فتكلموا إليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي نفسي بيده ، لو سلكتم واديا وسلك الناس واديا ، لسلكت وادي الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار . ثم مدحهم بغير هذا ، ثم قال : أما ترضون أن ينقلب الناس بالإبل والشاء ، وتنقلبون برسول الله إلى بيوتكم . فقالت الأنصار : رضينا عن الله عز وجل ، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله ما قلنا ذلك إلا ظنا{[28434]} بالله ورسوله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، والله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم{[28435]} .
قال السدي : قال رجل من أصحاب النبي عليه السلام ، يوم حنين ، وقد كانوا إثني عشر ألفا : يا رسول الله لن نُغلب اليوم من قلة وأعجبته كثرة الناس ، فوُكِّلوا إلى كلمة الرجل ، فانهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غير العباس ، وأبي سفيان بن الحارث ، وأيمن{[28436]} بن أيمن ، قتل يومئذ بين [ يدي ]{[28437]} النبي صلى الله عليه وسلم . فنادى النبي صلى الله عليه وسلم ، بالأنصار : أين الأنصار الذين بايعوا تحت الشجرة ؟ فتراجع الناس ، فأنزل الله عز وجل ، الملائكة بالنصر ، فهزم المشركون يومئذ ، وغنموا{[28438]} .
وأصاب المسلمون ستة آلاف سبية{[28439]} ، فجاء قومهم مسلمين ، فقالوا : يا رسول الله ، أنت خير الناس ، وأبر الناس ، وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن عندي ما ترون ، وإن خير القول أصدقه ، فاختاروا : إما ذراريكم ونسائكم ، و[ إما ] أموالكم . فقالوا ما كنا نعدل بالأحساب شيئا ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، من طابت نفسه [ أن يرد ما عنده من الذراري ومن لم تطب{[28440]} نفسه ]{[28441]} أن يجعله قرضا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يعوضه مكانه . فرضوا{[28442]} كلهم وسلموا بأن يردوا الذراري بطيب نفس{[28443]} .
ومعنى : { بما رحبت }[ 25 ] ، أي : بسعتها{[28444]} .
وقال الطبري : " الباء " بمعنى : " في " {[28445]} .
فأعلم الله عز وجل ، المؤمنين في هذه الآية أنه ليس بكثرهم يغلبون ، [ إنما يغلبون{[28446]} ] بنصره .
وكانت غزوة حنين بعد فتح مكة{[28447]} ، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، إليها خرج معه أهل مكة مشاة وركبانا ، يمشون يرجون الغنائم حتى يخرج معه النساء والصبيان وهم على غير الإسلام/ وليس يكرهون أن تكون الصدمة برسول الله [ صلى الله{[28448]} ] عليه وسلم{[28449]} .
وفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الغنائم على الجميع ، ووفَّر على أهل مكة استيلافا لهم ليدخلوا في الإسلام{[28450]} ، وزوى{[28451]} كثيرا من المقاسم عن أصحابه ، فعند ذلك وجدت الأنصار في أنفسها ، وقالوا : ما نرى فعل ذلك إلا وهو يريد المقام بين ظهرانيهم{[28452]} ، فعاتبهم النبي صلى الله عليه وسلم ، [ على ذلك{[28453]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.