تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡـٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ} (25)

{ لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } يعنى يوم بدر ، ويوم قريظة ، ويوم النضير ، ويوم خيبر ، ويوم الحديبية ، ويوم فتح مكة ، ثم قال : { و } نصركم { ويوم حنين } وهو واد بين الطائف ومكة ، { إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت } ، يعنى برحبها وسعتها ، { ثم وليتم مدبرين } [ آية :25 ] لا تلوون على شيء وذلك أن المسلمين كانوا يومئذ أحد عشر ألفا وخمسمائة ، والمشركون أربعة آلاف ، وهوازن ، وثقيف ، ومالك بن عوف النضرى على هوازن ، وعلى ثقيف كنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفي ، فلما التقوا قال رجل من المسلمين : لن نغلب اليوم من كثرتنا على عدونا ، ولم يستثن في قوله ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم قوله ؛ لأنه كان قال ولم يستثن في قوله .

فاقتتلوا قتالا شديدا ، وانهزم المشركون وجلوا عن الذراري ، ثم نادى المشركون تجاه النساء : اذكروا الفضائح ، فتراجعوا وانكشف المسلمون ، فنادى العباس بن عبد المطلب ، وكان رجلا صيتا ثباتا : يا أنصار الله وأنصار رسوله الذين آووا ونصروا ، يا معشر المهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن كان له فيه حاجة فليأته ، فتراجع المسلمون ، ونزلت الملائكة عليهم البياض على خيول بلق ، فوقفوا ولم يقاتلوا ، فانهزم المشركون ، فذلك قوله : { ثم أنزل الله سكينته }