نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ} (118)

ولما كان الجمال بالمال لا سيما مع الإنفاق من أعظم المرغبات في الموالاة ، وكانت هذه الآية قد {[18760]}صيرت جميله{[18761]} قبيحاً وبَذوله شحيحاً ؛ قال سبحانه وتعالى - مكرراً التنبيه على مكر ذوي الأموال والجمال الذين يريدون إيقاع الفتنة بينهم من اليهود والمنافقين ليضمحل أمرهم وتزول شوكتهم{[18762]} : { يا أيها الذين آمنوا } أي إيماناً صحيحاً مصدقاً ادعاؤه بالعمل الصالح الذي من أعظمه الحب في الله والبغض في الله { لا تتخذوا بطانة } أي من تباطنونهم بأسراركم وتختصونهم{[18763]} بالمودة والصفاء ومبادلة المال والوفاء { من دونكم } أي ليسوا منكم أيها المؤمنون ، وعبر بذلك إعلاماً بأنهم يهضمون{[18764]} أنفسهم وينزلونها عن{[18765]} علّي درجتها{[18766]} بموادتهم . ثم{[18767]} وصفهم تعليلاً للنهي بقوله : { لا يألونكم خبالاً } أي يقصرون بكم من{[18768]} جهة الفساد ، ثم بين ذلك بقوله على سبيل التعليل أيضاً : { ودّوا ما عنتم } أي تمنوا{[18769]} مشقتكم .

ولما كان هذا قد يخفى بيَّنه بقوله معللاً : { قد بدت البغضاء من أفواههم } أي هي بينة في حد ذاتها مع اجتهادهم في إخفائها ، لأن الإنسان إذا امتلأ من شيء غلبه بفيضه ، ولكنكم لحسن ظنكم وصفاء نياتكم لا تتأملونها{[18770]} فتأملوا . ثم أخبر عن علمه سبحانه قطعاً وعلم الفطن من عباده بالقياس ظناً بقوله : { وما تخفي صدورهم أكبر{[18771]} } مما ظهر على سبيل الغلبة . ثم استأنف على طريق الإلهاب والتهييج قوله : { قد بيَّنا } أي بما لنا من العظمة { لكم } أي بهذه الجمل { الآيات } أي الدالات{[18772]} على سعادة الدارين ومعرفة الشقي والسعيد والمخالف والمؤالف . وزادهم إلهاباً{[18773]} بقوله : { إن كنتم } أي جبلة وطبعاً { تعقلون * }


[18760]:في ظ: جبرت حيلة ـ كذا.
[18761]:في ظ: جبرت حيلة ـ كذا.
[18762]:في ظ: شكوتهم.
[18763]:في ظ: تخصمونهم.
[18764]:من ظ ومد، وفي الأصل: عرضون ـ كذا.
[18765]:زيد من مد.
[18766]:في ظ: درجاتها.
[18767]:في ظ: في .
[18768]:زيد من ظ ومد.
[18769]:من ظ ومد، وفي الأصل: يمنوا.
[18770]:من ظ ومد، وفي الأصل: لا يتأملونها.
[18771]:زيد من ظ ومد والقرآن المجيد.
[18772]:في ظ: الدالة.
[18773]:في ظ: اتفاقا.