صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ} (118)

{ لا تتخذوا بطانة } أي لا تتخذوا أولياء وأصفياء لكم من غير إخوانكم المؤمنين ، كاليهود والمنافقين ، تصافونهم وتطلعونهم على أسراركم ، لأنهم لا يألون جهدا في إفساد أمركم ، ويودون مضرتكم

ومشقتكم في دنياكم ودينكم . وآية ذلك ظهور عداوتهم لكم ، وما يخفونه منها أشد وأفظع ، إنهم يكرهونكم وأنتم تحبونهم ، والحال أنكم تؤمنون بكتابهم وهم يكفرون بكتابكم ، وينافقونكم بإظهار الإيمان إذا لقوكم ، فإذا خلوا إلى أنفسكم عضوا عليكم الأنامل من الغيظ والحنق ، وإن نلتم حسنة أساءتهم ، وإن أصابتكم سيئة أفرحتهم ، فكيف تنخدعون بهم ، وتتخذون بطانة لكم ! ؟ وبطانة الرجل ووليجته : خاصته الذين يستنبطون أمره ويداخلونه ، تشبيها ببطانة الثوب للوجه الذي يلي البدن لقربه ، وهي ضد الظهارة ، ويسمى بها الواحد والجمع ، والمذكر والمؤنث .

{ لا يألونكم خبالا } أصل الألو : التقصير . يقال : ألا في الأمر يألوألوا و ألوا ، إذا قصر فيه .

وهو لازم يتعدى بالحرف ، ويستعمل متعديا إلى مفعولين ، فيقال : لا آلوك نصحا ، على تضمين الفعل معنى المنع ، أي لا أمنعك ذلك . والخبال : الشر والفساد . أي لا يقصرون لكم عن جهد فيما يورثكم شرا وفسادا . أولا يمنعوكم خبالا ، أي أنهم يفعلون معكم ما يقدرون عليه من الفساد ولايبقون شيئا منه عندهم .

{ ودوا ما عنتم } أحبوا ما عنتم ، أي مشقتكم وشدة ضرركم ، من العنت ، وهو الوقوع في أمر شاق ،

أو الإثم . والفعل من باب طرب . و { ما } مصدرية .