تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ} (118)

الآية 118 وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم } اختلف فيه : [ قيل ]{[4269]} نهى الله المؤمنين أن يخالوا{[4270]} المنافقين ، ويؤاخوهم ، ويتولوهم دون المؤمنين ، وقيل : حرف حفصة : ( لا تتخذوا بطانة من دون أنفسكم ) يعني دون المؤمنين . وعن عباس رضي الله عنه أنه قال : ( نهى الله المؤمنين أن يتخذوا اليهود والنصارى والمنافقين بطانة دون إخوانهم /67-أن المؤمنين ، فيحدثوهم ، ويفشوا إليهم سرهم دون المؤمنين ) والبطانة : قيل : هو الإخوان ، يجعلونهم{[4271]} موضع إفشاء سرهم .

قال الشيخ ، رحمه الله : والنهي عن اتخاذ الكافر بطانة لوجهين :

أحدهما : العرف به ، إذ كل يعرف بمن يصحبه .

والثاني : الميل إليه بما يريه عدوه أنه حسن العشرة{[4272]} وحسن الصحبة مع ما فيه الإسقاط عما به يستعان على أمر الدين والإغفال عن حقه .

وقوله تعالى : { لا يألونكم خبالا } يقولون : لا يترون{[4273]} عهدهم في إفشاء أمركم . وقوله تعالى : { ودوا ما عنتم } أي يودون ، ويتمنوا ما أثمتم . قال الشيخ ، رحمه الله : أي ودوا أن تشاركوهم في أشياء تؤثمكم ، وتعنتكم عليه ، وقيل : العنت الضيق أي ذلك قصدهم [ كالآيات التالية ]{[4274]} .

وقوله تعالى : { قد بدت البغضاء من أفواههم } من قال : { إن أول الآية في المنافقين : قوله { قد بدت البغضاء من أفواههم } ما ذكر في آية أخرى { ولتعرفنهم في لحن القول } [ محمد : 30 ] أنهم كانوا يعرفون المنافق في لحن كلامه . قال الشيخ ، رحمه الله ، في قوله : { قد بدت البغضاء من أفواههم } ما كان من التعريض{[4275]} بقوله : { إن الناس قد جمعوا لكم } [ آل عمران : 127 ] وإظهار السرور بتكتبهم { وإن منكم لمن ليبطئن } الآية [ النساء : 72 ] . وقوله تعالى : { وما تخفي صدورهم أكبر } وذلك كانوا يظهرون الموافقة لهم ويضمرون العداوة والخلاف لهم . والسعي في هلاكهم مما{[4276]} كانوا يضمرون أكثر مما كانوا يظهرون .

ومن قال بأن الآية في الكفار فهو ظاهر ، وقوله : { قد بدت البغضاء من أفواههم } من الشتيمة والعداوة ، ويضمرون أكثر من ذلك من الفساد والسرور ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } يحتمل قوله : { إن كنتم تعقلون } [ الآيات ، ويحتمل ]{[4277]} { إن كنتم } تنتفعون بعقولكم لأنه جل وعلا ذكر في غير آية من القرآن أنهم لا يعقلون ، قد كان لكم عقول لكنكم لم تنتفعوا [ بها ]{[4278]} ، نفى عنهم العقل رأسا .


[4269]:من م، ساقطة من الأصل.
[4270]:في الأصل وم: يتخللوا.
[4271]:في الأصل وم: ويجعلونهم.
[4272]:من م، في الأصل: العزة.
[4273]:في الأصل وم: يتركون، ألا يألوا: قصر، يقصر، وتر يتر: نقص ينقص.
[4274]:في الأصل وم: كالآية التالي.
[4275]:في الأصل وم: التفريق.
[4276]:في م: ما.
[4277]:ساقطة من م.
[4278]:ساقطة من الأصل وم.