نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{۞وَلَوۡ أَنَّنَا نَزَّلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَحَشَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ كُلَّ شَيۡءٖ قُبُلٗا مَّا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَجۡهَلُونَ} (111)

ولما أخبر أنهم لا يؤمنون عند آية مقترحة عمم{[30830]} على وجه مفصل لإجمال ما قبله فقال : { ولو أننا } أي على عظمتنا البالغة بما أشار إليه جمع النونات { نزلنا{[30831]} } أي على وجه يليق بعظمتنا { إليهم{[30832]} الملائكة } أي كلهم فرأوهم عياناً { وكلمهم الموتى{[30833]} } أي كذلك { وحشرنا عليهم } أي بما{[30834]} لنا من العظمة { كل شيء قبلاً } جمع قبيل جمع قبيلة في قراءة من ضم القاف والباء كرغيف ورغف{[30835]} ، أي جاءهم ذلك المحشور كله قبيلة قبيلة{[30836]} تترى ومواجهة { ما كانوا ليؤمنوا } أي على حال من الأحوال { إلا أن يشاء الله } أي إلا حال مشيئته لإيمانهم لأنه الملك الأعلى الذي لا أمر لأحد معه ، فإذن لا عبرة إلا بمشيئته ، فالآية دامغة لأهل{[30837]} القدر{[30838]} ، ولا مدخل لآية ولا غيرها في ذلك ، فلا يطمع أحد في إيمانهم بغير ذلك ، ويقرب عندي - وإن بعُد المدى - أن يكون { وأقسموا } معطوفاً على قوله تعالى { وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه } وهذا من المتعارف في كلام البلغاء أن يحكي الإنسان جملة من كلام خصمه ، ثم يشرع في توهينها ، ويخرج إلى أمور - يجرّها المقام - كثيرة الأنواع طويلة الذيول جداً ، ثم يحكي جملة أخرى فيقول معجباً منه : وقال كذا وكذا ، ثم يشرع فيما يتعلق بذلك من النقد{[30839]} والرد ، ومما يؤيد ذلك توحيد ختمهما ، فختم الأولى

ولكن أكثرهم لا يعلمون{[30840]} }[ الأنعام : 37 ] وختم هذه { ولكن أكثرهم يجهلون * } أي أهل جهل مطبوعون فيه ، يقسمون على الإيمان عند مجيء آية مقترحة ولا يشعرون أن المانع لهم من الإيمان إنما هو المشيئة وإلا لآمنوا بما جاءهم من الآيات ، فإنه كفاية في المبادرة إلى الإيمان ، والآيات كلها متساوية الأقدام في الدلالة على صدق الداعي بخرق العادة{[30841]} والعجز عن الإتيان بمثلها .


[30830]:تأخر ما بين الرقمين في الأصل عن "ما قبله" والترتيب من ظ.
[30831]:في ظ: إليهم.
[30832]:سقط من ظ.
[30833]:من ظ والقرآن الكريم، وموضعه في الأصل بياض.
[30834]:زيد من ظ.
[30835]:زيد من ظ.
[30836]:زيد من ظ.
[30837]:في ظ: لجميع.
[30838]:من ظ، وفي الأصل: القدرة.
[30839]:من ظ، وفي الأصل: البعد.
[30840]:راجع آية 37.
[30841]:في ظ: الآية.