اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلۡيَسۡتَعۡفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغۡنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱلَّذِينَ يَبۡتَغُونَ ٱلۡكِتَٰبَ مِمَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِيهِمۡ خَيۡرٗاۖ وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ ءَاتَىٰكُمۡۚ وَلَا تُكۡرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَآءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبۡتَغُواْ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَمَن يُكۡرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعۡدِ إِكۡرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (33)

قوله{[34736]} : { وَلْيَسْتَعْفِفِ الذين لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً } الآية{[34737]} .

لما ذكر تزويج الحرائر والإماء ذكر حال من يعجز عن ذلك فقال : «وَلْيَسْتَعْفِفِ » أي : وليجتهد في العفة ، كأن المستعفف طالب من نفسه العفاف .

وقوله : { لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً } أي : لا يتمكنون من الوصول إليه ، يقال : لا يجد المرء الشيء إذا لم يتمكن منه ، قال تعالى : { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ }{[34738]} [ النساء : 92 ] ويقال : هو غير واجد للماء{[34739]} ، وإن كان موجوداً ، إذا لم يمكنه أن يشتريه . ويجوز أن يراد بالنكاح : ما ينكح به من المال ، فبين تعالى أن من لا يتمكن من ذلك فليطلب التعفف ولينتظر أن يغنيه الله من فضله ثم يصل إلى بغيته من النكاح . فإن قيل : أفليس{[34740]} ملك اليمين يقوم مقام نفس النكاح ؟

قلنا : لكن من لم يجد المهر والنفقة فبأن لا يجد ثمن الجارية أولى{[34741]} .

قوله تعالى : { والذين يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ . . . } الآية لما بعث السيد على تزويج الصالحين من العبيد والإماء مع الرق رغبهم في أن يكاتبوهم إذا طلبوا ذلك ليصيروا أحراراً فيتصرفون في أنفسهم كالأحرار ، فقال : { والذين يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ }{[34742]} . يجوز في الذين الرفع على الابتداء ، والخبر الجملة المقترنة بالفاء لما{[34743]} تضمنه المبتدأ من معنى الشرط .

ويجوز نصبه بفعل مقدر على الاشتغال ، كقولك : «زيداً فاضربه »{[34744]} وهو أرجح لمكان الأمر . والكتاب والكتابة كالعتاب والعتابة ، وفي اشتقاق لفظ الكتابة وجوه :

أحدها : أن أصل الكلمة من الكتب ، وهو الضم والجمع ، ومنه سميت الكتابة لأنها تضم النجوم{[34745]} بعضها إلى بعض ، وتضم ماله إلى ماله .

وثانيها : مأخوذ من الكتاب{[34746]} ، ومعناه : كتبت لك على نفسي ( أن تعتق إذا وفيت بمالي وكتبت لي على نفسي ){[34747]} أن تفي{[34748]} لي بذلك ، أو{[34749]} كتبت عليك الوفاء بالمال ، وكتبت عليَّ العتق{[34750]} ، قاله الأزهري{[34751]} .

وثالثها : سمي بذلك لما يقع فيه من التأجيل بالمال المعقود عليه ، لأنه لا يجوز أن يقع على مال هو في يد العبد حين يكاتب ، لأن ذلك مال لسيده اكتسبه في حال ما كانت يد السيد غير مقبوضة عن كسبه ، فلا يجوز لهذا المعنى أن يقع هذا العقد حالاً ، بل يقع مؤجلاً ، ليكون متمكناً من الاكتساب . ثم من آداب الشريعة أن يكتب على من عليه المال المؤجل كتاب ، فلهذا المعنى سمي هذا العقد كتاباً لما فيه من الأجل ، قال تعالى : { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ }{[34752]} {[34753]} [ الرعد : 28 ] .

فصل

قال بعض العلماء : الكتابة أن يقول لمملوكه{[34754]} : كاتبتك على كذا ، ويسمي مالاً معلوماً ، يؤديه في نجمين أو أكثر ، ويبين عدد النجوم ، وما يؤدي في كل نجم ، ويقول : إذا أديت ذلك المال فأنت حر ، أو{[34755]} ينوي ذلك بقلبه ، ويقول العبد : قبلت{[34756]} .

فإذا لم يقل بلسانه ، أو لم ينو بقلبه : إذا أديت ذلك فأنت حر ، لم يعتق{[34757]} .

وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابه : لا حاجة إلى ذلك ، لأن قوله تعالى : «فَكَاتِبُوهُمْ »{[34758]} ليس فيه شرط ، فتصح الكتابة بدون{[34759]} هذا الشرط ، وإذا صحت الكتابة وجب أن يعتق بالأداء للإجماع . واحتج الأولون{[34760]} بأن الكتابة ليست عقد معاوضة محضة ، لأن ما في يد العبد ملك للسيّد ، والإنسان لا يبيع ملكه بملكه ، بل قوله : «كاتبتك » كناية في العتق ، فلا بد من لفظ التعليق أو نيته{[34761]} .

فصل

لا تجوز الكتابة{[34762]} الحالّة ، لأن العبد ليس له ملك يؤديه في الحال ، وإذا عقدت حالّة توجهت المطالبة عليه في الحال ، فإذا عجز عن الأداء لم يحصل العقد ، كما لو أسلم في شيء لا يوجد عند المحل لا يصح ، بخلاف ما لو أسلم إلى معسر فإنه يجوز لأنه يتصور أن يكون له ملك في الباطن ، فالعجز{[34763]} لا يتحقق . وقال أبو حنيفة : تجوز لقوله تعالى «فكاتبوهم » ، وهو مطلق يتناول الكتابة الحالة والمؤجلة . وأيضاً فمال الكتابة بدل عن{[34764]} الرقبة ، فهو بمنزلة أثمان السلع المبيعة ، فتجوز حالة . وأيضاً فأجمعوا على جواز العتق مطلقاً على مال حال ، فالكتابة مثله لأنه بدل عن العتق في الحالين ، إلا أن في أحدهما العتق معلق على شرط العبادة وفي الآخر معجل ، فوجب أن لا يختلف حكمهما{[34765]} .

فصل

لا تجوز الكتابة{[34766]} على أقل من نجمين ، لأنه يروى عن عليّ وعثمان وابن عمر ، روي أن عثمان غضب على عبده فقال : «لأضيقن عليك ، ولأكاتبنك{[34767]} على نجمين » ولو جاز على أقل من ذلك لكاتبه على الأقل ، لأن التضييق فيه أشد ، وإنما شرطنا التنجيم ، لأنه عقد إرفاق ، ومن شرط الإرفاق : التنجيم ليتيسر عليهم الأداء .

وقال أبو حنيفة : تجوز الكتابة على نجم واحد ، لأن ظاهر قوله : «كاتبوهم » ليس فيه تقييد{[34768]} .

فصل

يشترط أن يكون المكاتب بالغاً عاقلاً . فإن كان صبياً أو مجنوناً لم تصح كتابته{[34769]} لقوله تعالى : { والذين يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ } والابتغاء لا يتصور من الصبي والمجنون .

وقال أبو حنيفة : تجوز كتابة الصبي ، ويقبل عنه ( المولى ){[34770]} {[34771]} .

فصل

ويشترط أن يكون السيد مكلفاً مطلقاً . فإن كان صبياً أو محجوراً عليه لسفه لم تصح كتابته ، كما لا يصح بيعه ، لأن قوله : «فَكَاتِبُوهُمْ » خطاب ، فلا يتناول غير المكلف .

وقال أبو حنيفة : تصحّ كتابة الصبيّ بإذن الوليّ{[34772]} .

فصل

اختلفوا في قوله تعالى : «فكاتبوهم » هل هو أمر إيجاب أو ندب ؟ فقيل : أمر إيجاب ، فيجب على السيد أن يكاتب مملوكه إذا سأله ذلك بقيمته أو أكثر إذا علم فيه خيراً ، فإن سأله بدون قيمته لم يلزمه ، وهذا قول ابن دينار{[34773]} وعطاء ، وإليه ذهب داود بن عليّ{[34774]} ومحمد بن جرير لظاهر الآية ، وأيضاً فلأن سبب نزولها إنما{[34775]} نزلت في غلام لحويطب{[34776]} بن عبد العزى يقال له : «صبيح » سأل مولاه أن يكاتبه ، فأبى عليه ، فنزلت الآية ، فكاتبه على مائة دينار ووهب{[34777]} له منها عشرين ديناراً وروي أن عمر أمر أنساً بأن يكاتب سيرين ( أبا محمد بن سيرين ) فأبى ، فرفع عليه الدِّرَّة{[34778]} وضربه ، وقال : «فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهمْ خَيْراً » وحلف عليه ليكاتبنه ، ولو لم يكن واجباً لكان ضربه بالدرة ظلماً ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، فجرى ذلك مجرى الإجماع . وقال أكثر الفقهاء : إنه أمر استحباب ، وهو ظاهر قول ابن عباس والحسن والشعبي ، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري وأحمد لقوله عليه السلام{[34779]} : «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه »{[34780]} {[34781]} . ولأنه لا فرق بين أن يطلب الكتابة أو يطلب بيعه ممن يعتقه في الكفارة ، فكما لا يجب ذلك فكذا الكتابة{[34782]} فإن قيل : كيف يصح أن يبيع ماله بماله ؟

فالجواب : إذا ورد الشرع به جاز ، كما إذا علق عتقه على مال يكسبه فيؤديه أو يؤدى عنه صار سبباً لعتقه{[34783]} .

فإن قيل : هل يستفيد العبد بعقد الكتابة ما لا يملكه لولا الكتابة ؟

فالجواب : نعم ، لأنه لو دفع إليه الزكاة قبل الكتابة لم يحل له أخذها ، وإذا صار مكاتباً حل له أخذها سواء أدى فعتق ، أو عجز فعاد إلى الرق . واستفاد أيضاً أن الكتابة تبعثه على الاجتهاد في الكسب ، ولولاها لم يكن ليفعل ذلك . ويستفيد المولى الثواب ، لأنه إذا باعه فلا ثواب ، وإذا كاتبه فالولاء له ، فورد الشرع بجواز الكتابة لهذه الفوائد{[34784]} .

قوله : { إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } قال عليه السلام{[34785]} : «إن علمتم لهم حرفة ، ولا تدعوهم كلاًّ على الناس »{[34786]} . وقال ابن عمر : قوة على الكسب ، وهو قول مالك والثوري{[34787]} .

قال عطاء والحسن ومجاهد والضحاك : الخير : المال ، لقوله تعالى : { إِن تَرَكَ خَيْراً }{[34788]} [ البقرة : 180 ] أي : مالاً . قال عطاء : بلغني ذلك عن ابن عباس{[34789]} . ويروى أن عبداً لسلمان الفارسي قال له : كاتبني . قال : لك مال ؟ قال : لا . قال{[34790]} : تريد أن تطعمني أوساخ الناس ولم يكاتبه{[34791]} . قال الزجاج : لو أراد به المال لقال : إنْ عَلِمْتُم لهم خيراً{[34792]} .

وأيضاً فلأن العبد لا مال له ، بل المال لسيده{[34793]} . وقال إبراهيم النخعي وابن زيد وعبيدة : صدقاً وأمانة{[34794]} . وقال طاوس وعمرو بن دينار : مالاً وأمانة{[34795]} .

وقال الحسن : صلاحاً في الدين{[34796]} . قال الشافعي : وأظهر معاني الخير في العبيد : الاكتساب مع الأمانة ، وأجاب ألا يمتنع من الكتابة إذا كان هكذا{[34797]} ، لأن مقصود الكتابة قلما يحصل إلا بهما ، فإنه ينبغي أن يكون كسوباً يحصل المال ، ويكون أميناً يصرفه في نجومه ولا يضيعه{[34798]} .

قوله : { وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله الذي آتَاكُمْ } . قيل : هذا خطاب للموالي ، يجب على المولى{[34799]} أن يحط عن مكاتبه من مال الكتابة شيئاً ، وهو قول عثمان وعليّ والزبير وجماعة ، وبه قال الشافعي وهؤلاء اختلفوا في قدره : فقيل : يحط عنه{[34800]} ربع مال الكتابة ، وهو قول عليّ ، ورواه بعضهم عن عليّ مرفوعاً . وعن ابن عباس : يحط الثلث . وقيل : ليس له{[34801]} حد ، بل يختلف بكثرة المال وقلته ، وهو قول الشافعي ، لأن ابن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم ، فوضع من آخر كتابته خمسة آلاف درهم .

وقيل : يحط عنه قدراً يحصل الاستغناء به . قال سعيد بن جبير : كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئاً من أول نجومه ، مخافة أن يعجز فيرجع إليه صدقته ، ووضع من آخر كتابته ما أحب{[34802]} . وكاتب عمر عبداً ، فجاءه بنجمه ، فقال : اذهب فاستغن على أداء مال الكتابة ، فقال المكاتب : لو تركته إلى آخر نجم فقال : إني أخاف ألا أدرك ذلك{[34803]} .

وقيل{[34804]} : هو أمر استحباب ، لقوله عليه السلام{[34805]} : «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم »{[34806]} وقوله عليه السلام{[34807]} : «أيما عبد كاتب على مائة فأداها إلا عشرة فهو عبد »{[34808]} . ولو كان الحط واجباً سقط عنه بقدره ، وأيضاً فلو كان الإيتاء واجباً لكان وجوبه معلقاً بالعقد ، فيكون{[34809]} العقد موجباً له ومسقطاً له ، وذلك محال لتنافي الإسقاط والإيجاب .

وأيضاً فلو كان الحط واجباً لما احتاج أن يضع عنه ، بل كان يسقط القدر المستحق ، كمن له على إنسان دين ، ثم لذلك الآخر على الأول مثله فإنه يصير قابضاً له . وأيضاً فلو كان واجباً لكان قدر الإيتاء إما أن يكون معلوماً أو مجهولاً ، فإن كان معلوماً وجب ألا تكون الكتابة بثلاثة أرباع المال على قول من يجعله الربع ، فيعتق إذا أدى ثلاثة آلاف إذا كان العقد على أربعة آلاف ، وذلك باطل ، لأن أداء جميعها شرط ، فلا يعتق بأداء البعض لقوله عليه السلام{[34810]} : «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم »{[34811]} . وإن كان مجهولاً صارت الكتابة مجهولة ، لأن الباقي بعد الحط مجهول ، فلا يصح ، كما لو كاتب عبده على ألف درهم إلا شيء{[34812]} .

وقال قوم : المراد بقوله : «وآتُوهُم » أي سهمهم الذي جعله الله لهم من الصدقات المفروضات بقوله : «وَفِي الرّقَابِ »{[34813]} وهو قول الحسن وزيد بن أسلم ، ورواية عطاء عن ابن عباس . وعلى هذا الخطاب لغير السادة ، لأنهم أجمعوا على أنه لا يجوز للسيد أن يدفع زكاته إلى مكاتبه{[34814]} . وقال الكلبي وعكرمة وإبراهيم : هو خطاب لجميع الناس ، وحث على معونة المكاتب ، لقوله عليه السلام : «من أعان مكاتباً في فك رقبته أطلقه الله في ظل عرشه »{[34815]} {[34816]} .

فصل

إذا مات المكاتب قبل أداء النجوم . فقيل : يموت رقيقاً ، وترتفع الكتابة سواء ترك مالاً أو لم يترك ، كما لو تلف المبيع قبل القبض يرتفع البيع . وهو قول عمر وابن عمر وزيد بن ثابت ، وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد{[34817]} . وقيل : إن ترك وفاء لما بقي عليه من الكتابة كان حراً ، وإن كان فيه فضل فالزيادة{[34818]} لأولاده الأحرار ، وهو قول عطاء{[34819]} وطاوس والنخعي والحسن ، وبه قال مالك والثوري وأصحاب الرأي{[34820]} .

فصل{[34821]}

ولو كاتب عبده كتابة فاسدة يعتق بأداء المال ، لأن عتقه معلق{[34822]} بالأداء ، وقد وجد ، ويتبعه الأولاد والأكساب كما في الكتابة الصحيحة . ويفترقان في بعض الأحكام ، وهي أن الكتابة الصحيحة لا يملك المولى فسخها ما لم يعجز المكاتب عن أداء النجوم ، ولا تبطل بموت المولى ، ويعتق بالإبراء من النجوم . والكتابة الفاسدة يملك المولى فسخها قبل أداء المال ، حتى لو أدى المال بعد الفسخ لا يعتق ، وتبطل بموت المولى ، ولا يعتق بالإبراء من النجوم . وإذا عتق المكاتب بأداء المال لا يثبت التراجع في الكتابة الصحيحة ويثبت في الكتابة الفاسدة ، فيرجع{[34823]} المولى عليه بقيمة رقبته ، وهو يرجع على المولى بما دفع إليه إن كان مالاً .

قوله تعالى : { وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البغاء . . . } الآية لما بين ما يلزم من تزويج العبيد والإماء وكتابتهم أتبع ذلك بالمنع من إكراه الإماء{[34824]} على الفجور{[34825]} .

واعلم أن العرب تقول للمملوك : فتى ، وللمملوكة : فتاة ، قال تعالى : { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ }{[34826]} [ الكهف : 62 ] وقال : «تُرَاوِدُ فَتَاهَا »{[34827]} وقال : { فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ }{[34828]} [ النساء : 25 ] .

وقال عليه السلام{[34829]} : «ليقل أحدكم : فَتَاي وفَتَاتي ، ولا يقل : عَبْدِي وأَمَتِي »{[34830]} {[34831]} .

والبِغَاء : الزنا ، مصدر{[34832]} : بَغَتِ المَرْأَة تَبْغي بِغَاءً{[34833]} ، أي : زَنَتْ ، وهو مختص بزنا النساء{[34834]} .

فصل

قال المفسرون : نزلت في عبد الله بن أبيّ المنافق ، كان له ست جوار{[34835]} مُعَاذة ، ومُسَيْكة ، وأُمَيْمة ، وعَمْرَة ، وأَرْوَى ، وقتيلة ، يكرههن{[34836]} على البغاء ، وضرب عليهن ضرائب يأخذها ، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤاجرون{[34837]} إماءهم ، فلما جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة : إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين : فإن يكن خيراً فقد استكثرنا منه ، وإن كان شراً{[34838]} فقد آن لنا أن ندعه فشكيا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت الآية{[34839]} . وروي أنه جاءت إحدى الجاريتين يوماً ببرد ، وجاءت الأخرى بدينار ، فقال لهما : «ارجعا فازنيا » فقالتا : «والله لا نفعل وقد جاء الإسلام وحرم الزنا » فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكيا إليه ، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - هذه الآية{[34840]} . وروي أن عبد الله بن أبيّ أسر رجلاً ، فأراد الأسير جارية عبد الله ، وكانت الجارية مسلمة ، فامتنعت الجارية لإسلامها ، فأكرهها سيدها على ذلك رجاء أن تحمل من الأسير فيطلب فداء ولده ، فنزلت الآية{[34841]} . وروى أبو صالح{[34842]} عن ابن عباس قال : «جاء عبد الله بن أبيّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه جارية من أجمل النساء تسمى : معاذة ، وقال : يا رسول الله ، هذه لأيتام فلان ، أفلا نأمرها بالزنا فيصيبون من منافعها . فقال عليه السلام{[34843]} : لا . فأعاد الكلام ، فنزلت الآية{[34844]} .

فصل

الإكراه إنما يحصل بالتخويف بما يقتضي تلف النفس .

ومعنى قوله : { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } أي : إذا أرَدْنَ ، وليس معناه الشرط ، لأنه لا يجوز إكراههن على الزنا إن لم يردْن تحصناً ، كقوله عزَّ وجلَّ : { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ{[34845]} } [ آل عمران : 139 ] أي : إذ{[34846]} كنتم مؤمنين{[34847]} . وقيل : إنما شرط إرادة التحصن ، لأن الإكراه إنما يكون عند إرادة التحصن ، فإن لم تُرِد التحصن بغت طوعاً ، لأنه متى لم توجد إرادة التحصن لم تكن كارهة للزنا ، وكونها غير كارهة للزنا يمنع إكراهها ، فامتنع الإكراه لامتناعه في نفسه{[34848]} . وقيل : هذا الشرط لا مفهوم له ، لأنه خرج مخرج الغالب ، لأن الغالب أن الإكراه لا يحصل إلا عند إرادة التحصن ، كما أن الخلع يجوز في غير حالة الشقاق ، ولكن{[34849]} لما كان الغالب وقوع الخلع في حالة الشقاق لا جرم لم يكن لقوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ }{[34850]} [ البقرة : 229 ] ( مفهوم ) {[34851]} ومنه قوله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرض{[34852]} فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاة إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا }{[34853]} [ النساء : 101 ] والقصر{[34854]} لا يختص بحال الخوف ، ولكنه أخرجه على الغالب ، فكذا ههنا{[34855]} . وقال بعض العلماء : في الآية تقديم وتأخير ، تقديره : وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصناً ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُم على البِغَاءِ{[34856]} لتبتغوا عرض الحياةِ الدُّنيا{[34857]} ، أي : لتطلبوا من أموال الدنيا ، يريد : من كسبهن وبيع أولادهن . والتحصن : التعفف .

قوله : { وَمَن يُكْرِههُنَّ فِإِنَّ الله مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . أي : غفور رحيم للمكرهات ، والوزر على المُكْرِه ، وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال : ( لهنَّ والله ){[34858]} .

وقال ابن الخطيب : فيه وجهان :

أحدهما : غَفُوراً{[34859]} لَهُنَّ ، لأنّ الإكراه ( يُزِيلُ الإثم ) {[34860]} والعقوبة عن المكره فيما فعل .

والثاني : ( فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم ) {[34861]} بالمكره بشرط التوبة . وهذا ضعيف لأنه يحتاج إلى الإضمار ، والأول لا يحتاج إليه{[34862]} . وفي هذا نظر ، لأنه لا بد من ضمير يعود على اسم الشرط عند الجمهور كما تقدم تحقيقه ( في البقرة ){[34863]} {[34864]} .

قوله : «فإن الله » جملة وقعت جواباً للشرط ، والعائد على اسم الشرط محذوف ، تقديره : غَفُور لهم{[34865]} . وقدره الزمخشري في أحد تقديراته{[34866]} وابن عطية{[34867]} وأبو البقاء{[34868]} : فإن الله غفور لَهُنَّ ، أي : لِلْمُكرهات ، فعرِيَتْ جملة الجزاء عن{[34869]} رابط يربطها باسم الشرط ، ولا يقال : إن الرابط هو الضمير المقدر الذي هو فاعل المصدر ؛ إذ التقدير : من بعد إكراههم{[34870]} لهُنّ ، فَلْيُكْتَفَ{[34871]} بهذا الرابط المقدر ، لأنهم لم يعدوا ذلك من الروابط ، تقول : هند عجبت من ضربها زيداً{[34872]} فهذا جائز ، ولو قُلْتَ : هند عجبت من ضربِ زيدٍ : أي : من ضربها ، لَمْ يَجُز ، لخلوها من الرابط وإن كان مقدراً{[34873]} . ولما قدر الزمخشري «لهن » أورد سؤالاً فقال : فإن قلت : لا حاجة إلى تعليق المغفرة بهن ، لأن المُكرهة على الزنا بخلاف المُكره{[34874]} غير آثمة . قلت : لَعَلَّ الإكراه غير ما اعتبرته الشريعة من إكراه بقتل{[34875]} ، أو بما يُخَاف منه التلف ، أو فوات عضو حتى يسلم من الإثم ، وربما قصرت عن الحد الذي تُعذَرُ فيه فتكون آثمة{[34876]} .


[34736]:في ب: قوله تعالى.
[34737]:الآية: سقط من الأصل.
[34738]:[النساء: 92]، [المجادلة: 4].
[34739]:في الأصل: الماء.
[34740]:في ب: فليس. وهو تحريف.
[34741]:انظر الفخر الرازي 23/216.
[34742]:المرجع السابق.
[34743]:لما: سقط من ب.
[34744]:انظر الكشاف 3/75، البحر المحيط 6/451، وجوز ابن قتيبة وابن الأنباري الرفع على الابتداء والخبر محذوف تقديره: فيما يتلى عليكم الذين يبتغون الكتاب. مشكل إعراب القرآن 2/121، البيان 2/195.
[34745]:النجم: الوقت المضروب، وبه سمي المنجم، ونجمت المال إذا أديته نجوما، تنجيم الدين: هو أن يقدر عطاؤه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مساناة، ومنه تنجيم المكاتب ونجوم الكتابة، وأصله أن العرب كانت تجمل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها، فتقول: إذا طلع النجم حل عليك مالي، فلما جاء الإسلام جعل الله تعالى الأهلة مواقيت لما يحتاجون إليه من معرفة أوقات الحج والصوم ومحل الديون. اللسان (نجم).
[34746]:في ب: الكتابة.
[34747]:ما بين القوسين سقط من ب.
[34748]:في ب: بغي. وهو تحريف.
[34749]:في ب: و.
[34750]:في ب: بالعتق.
[34751]:انظر التهذيب (كتب).
[34752]:[الرعد: 38].
[34753]:انظر الفخر الرازي 23/216 – 217.
[34754]:في ب: المملوكة. وهو تحريف.
[34755]:في ب: و.
[34756]:انظر الفخر الرازي 23/317.
[34757]:وهو قول الشافعي رحمه الله انظر الفخر الرازي 23/217.
[34758]:في ب: وكاتبوهم. وهو تحريف.
[34759]:في ب: دون.
[34760]:وهو الإمام الشافعي رحمه الله. انظر الفخر الرازي 23/217.
[34761]:انظر الفخر الرازي 23/217.
[34762]:عند الشافعي. انظر الفخر الرازي 23/217.
[34763]:في ب: والعجز.
[34764]:في ب: من.
[34765]:انظر الفخر الرازي 23/217.
[34766]:عند الشافعي. انظر الفخر الرازي 23/217.
[34767]:في ب: وإلا كاتبتك.
[34768]:انظر الفخر الرازي 23/217.
[34769]:عند الإمام الشافعي.
[34770]:انظر الفخر الرازي 23/217 – 218.
[34771]:ما بين القوسين في ب: الولي.
[34772]:انظر الفخر الرازي 23/218.
[34773]:هو عبد الله بن دينار العدوي، أبو عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر، روى عن ابن عمر، وأنس، وسليمان بن يسار وغيرهم، وروى عنه ابنه عبد الرحمن، ومالك، وسليمان بن بلال، وغيرهم، مات سنة 127 هـ. تهذيب التهذيب 5/201 – 203.
[34774]:تقدم.
[34775]:في ب: أنها.
[34776]:في ب: الحويطب.
[34777]:في الأصل: وهب.
[34778]:الدرة: بالكسر التي يضرب بها عربية معروفة. اللسان (درر).
[34779]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[34780]:منه: سقط من ب.
[34781]:أخرجه أحمد في مسنده 5/72.
[34782]:انظر الفخر الرازي 23/218.
[34783]:المرجع السابق.
[34784]:المرجع السابق.
[34785]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[34786]:انظر الفخر الرازي 23/218.
[34787]:انظر البغوي 6/110.
[34788]:من قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} [البقرة: 180].
[34789]:انظر الفخر الرازي 23/218 -719.
[34790]:قال: سقط من ب.
[34791]:انظر البغوي 6/110، الكشاف 3/75.
[34792]:لم أعثر على ما قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وهو في تفسير البغوي 6/110.
[34793]:انظر الفخر الرازي 23/219.
[34794]:انظر البغوي 6/110.
[34795]:المرجع السابق.
[34796]:المرجع السابق.
[34797]:المرجع السابق.
[34798]:انظر الفخر الرازي 23/219.
[34799]:في ب: الولي.
[34800]:عنه: سقط من ب.
[34801]:له: سقط من الأصل.
[34802]:انظر البغوي 6/110 – 111.
[34803]:انظر الفخر الرازي 23/219.
[34804]:وهو قول مالك وأبي حنيفة وأصحابه. انظر الفخر الرازي 23/220.
[34805]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[34806]:أخرجه أبو داود (عتاق) 4/242، وفي الترمذي (بيوع) 3/366: هو قول أكثر أهل العلم، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، وفي الموطأ (مكاتب) 2/787، أنه قول عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وابن ماجه (عتق) 2/842.
[34807]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[34808]:أخرجه أبو داود (عتاق) 4/244، ابن ماجه (عتق) 2/482، الترمذي (بيوع) 2/366، أحمد 2/178، 184، 206، 209.
[34809]:في ب: ليكون.
[34810]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[34811]:سبق تخريجه آنفا.
[34812]:انظر الفخر الرازي 23/220 – 221.
[34813]:[التوبة: 60] وهي الآية التي بينت مصارف الزكاة.
[34814]:انظر الفخر الرازي 23/219.
[34815]:أخرجه أحمد في مسنده 3/487.
[34816]:انظر الفخر الرازي 23/219.
[34817]:انظر البغوي 6/111.
[34818]:في ب: والزيادة.
[34819]:عطاء: سقط من ب.
[34820]:انظر البغوي 6/111 – 112.
[34821]:هذا الفصل نقله ابن عادل عن البغوي 6/112.
[34822]:في ب: يعلق.
[34823]:في ب: مرجع.
[34824]:في ب: الماء. وهو تحريف.
[34825]:انظر الفخر الرازي 23/221.
[34826]:[الكهف: 62].
[34827]:[يوسف: 30].
[34828]:[النساء: 25].
[34829]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[34830]:أخرجه البخاري (عتق) 2/84، مسلم (ألفاظ) 4/1764 – 1765، أبو داود (آداب) 5/256 – 257، أحمد 2/316، 423، 484، 491، 508.
[34831]:انظر الفخر الرازي 23/221-222.
[34832]:مصدر سقط من ب وفيه: و.
[34833]:في ب: بغيا.
[34834]:اللسان (بغا).
[34835]:جواز: سقط من ب، وفي الأصل: جواري.
[34836]:في الأصل: يكرهن.
[34837]:في ب: مواجرون.
[34838]:في ب: وإن يكن سرا.
[34839]:انظر الفخر الرازي 23/221.
[34840]:انظر البغوي 6/113، البحر المحيط 6/452. الدر المنثور 5/460.
[34841]:انظر الفخر الرازي 23/221، تفسير ابن كثير 3/289.
[34842]:هو أبو صالح صاحب التفسير مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخت علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – واسمه باذام – ويقال: باذان – كان لا يحسن أن يقرأ القرآن، وكان الشعبي يراه فيقعد، ويقول له تفسر القرآن ولا تحسن أن تقرأه نظرا. المعارف (479).
[34843]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[34844]:انظر الفخر الرازي 23/221.
[34845]:[آل عمران: 139].
[34846]:في ب: إذ.
[34847]:انظر البغوي 6/113.
[34848]:انظر الفخر الرازي 23/222.
[34849]:في ب: ويمكن.
[34850]:[البقرة: 229].
[34851]:مفهوم: تكملة من الفخر الرازي.
[34852]:في الأصل: في سبيل الله. وهو تحريف.
[34853]:[النساء: 101].
[34854]:في ب: فالقصر.
[34855]:انظر الفخر الرازي 23/222.
[34856]:في الأصل: على البغاء إن أردن تحصنا.
[34857]:قال الزجاج: (والمعنى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن أردن تحصنا، ومعنى: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا" أي لا تكرهوهن على البغاء البتة، وليس المعنى: لا تكرهوهن إن أردن تحصنا وإن لم يردن فليس لنا أن نكرههن) معاني القرآن وإعرابه 4/40.
[34858]:ما بين القوسين مكرر في الأصل.
[34859]:في ب: لغفور.
[34860]:ما بين القوسين سقط من ب.
[34861]:ما بين القوسين في ب: غفور رحيم حسن.
[34862]:انظر الفخر الرازي 23/222- 223.
[34863]:عند قوله تعالى: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشر للمؤمنين} [البقرة: 97]. وذكر هناك ما ملخصه أنه لا يجوز أن يكون "فإنه نزله" جوابا للشرط، لأنه لا بد في جملة الجزاء من ضمير يعود على اسم الشرط، فلا يجوز من يقم فزيد منطلق، ولا ضمير في قوله: "فإنه نزله" يعود على "من" فلا يكون جوابا للشرط. انظر اللباب 1/222.
[34864]:ما بين القوسين سقط من ب.
[34865]:انظر البحر المحيط 6/453.
[34866]:الكشاف 3/76.
[34867]:انظر تفسير ابن عطية 10/503.
[34868]:التبيان 2/969.
[34869]:في ب: على.
[34870]:في ب: إكراههن.
[34871]:في ب: فليكبت. وهو تحريف.
[34872]:زيدا: سقط من الأصل.
[34873]:لأن الفاعل المحذوف لا يعد من الروابط، أي أن الرابط إذا كان ضميرا وهو فاعل لم يجز حذفه، ولذا قال بعضهم لا يجوز حذف الضمير (الرابط) إلا بخمسة شروط: أن لا يكون فاعلا ولا نائبا عنه، ولا مؤديا إلى لبس نحو زيد في داره، ولا إلى إخلال نحو زيد قام غلامه، لأن حذفه يخل بالتعريف الذي استفاده الغلام منه، ولا إلى التهيئة والقطع وذكر النحاة أن الخبر إذا كان جملة فإن كانت نفس المبتدأ في المعنى فلا تحتاج إلى رابط نحو أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله. وإن لم تكن نفس المبتدأ في المعنى، فلا بد من وجود رابط يربطها بالمبتدأ يعود من جملة الخبر عليه، وهو أحد الأشياء: أ – الضمير نحو زيد أبو قائم، ويحذف عند أمن اللبس نحو السمن، منوان بدرهم أي منه. ب – اسم الإشارة نحو قوله تعالى {ولباس التقوى ذلك خير} [الأعراف: 26]. ج – تكرار المبتدأ بلفظه نحو قوله تعالى: {الحاقة ما الحاقة} [الحاقة: 1]. د – العموم نحو زيد نعم الرجل. وقول الشاعر: فأما القتال لا قتال لديكم. هـ - أو وقع بعدها جملة مشتملة على ضميره بشرط كونها إما معطوفة بالفاء نحو زيد مات عمرو فورثه، وقوله: وإنسان عيني يحسر الماء تارة *** فيبدو وتارات يجم فيغرق قال هشام: أو الواو نحو زيد ماتت هند وورثها. وإما شرطا مدلولا على جوابه بالخبر نحو زيد يقوم عمرو إن قام. الهمع 1/96 – 98، الأشموني 1/195 – 197.
[34874]:في ب: المكرهة. وهو تحريف.
[34875]:في ب: يقبل. وهو تحريف.
[34876]:الكشاف 3/76.