ثم ذكر نوعاً آخر من مضادتهم ومعاداتهم فقال : { إن تمسسكم حسنة } أي حسنة كانت من منافع الدنيا كالصحة والخصب والغنيمة والظفر على الأعداء والائتلاف بين الأحباء { تسؤهم } ساءه يسوءه نقيض سره يسره { وإن تصبكم سيئة } ضد من أضداد ما عددنا . { يفرحوا بها } ولم يفرق صاحب الكشاف ههنا بين المس والإصابة وجعل المعنى واحداً . وأقول : يشبه أن يكون المس أقل من الإصابة وأنه أدخل في بيان شدة العداوة ، وذلك أن الحسد لا ينهض لقليل من الخير إلا أن يكون هناك كمال البغض ، والشماتة قلما توجد إذا أصاب العدوّ بلية عظمى كما قيل :
عند الشدائد تذهب الأحقاد *** . . .
إلا أن يكون ثمة غاية الحقد . وإذا كان حال القوم مع المسلمين في القضيتين بالخلاف دل ذلك على شدة بغضهم ونهاية حقدهم ، وعلى هذا فلا يبعد أن يقال التنوين في { حسنة } للتقليل وفي { سيئة } للتعظيم { وإن تصبروا } على عداوتهم { وتتقوا } ما نهيتم عنه من موالاتهم ، أو إن تصبروا على أوامر الله تعالى وتتقوا محارمه { لا يضركم كيدهم } وهو احتيال الإنسان لإيقاع غيره في مكروه . وقال ابن عباس : هو العداوة . { شيئاً } من الضرر بل كنتم في كنف الله وحفظه . وفيه إرشاد من الله تعالى إلى أن يستعان على دفع مكايد الأعداء بالصبر والتقوى ، فمن كان لله كان الله له .
وفي كلام الحكماء إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلاً في نفسك . وقال بعضهم :
إذا ما شئت إرغام الأعادي *** بلا سيف يسل ولا سنان
فزد في مكرماتك فهي أعدى *** على الأعداء من نوب الزمان
{ إن الله بما يعملون } في عداوتكم أو بما تعملون أنتم من الصبر والتقوى . { محيط } فيجازي كل أحد بما هو أهله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.