غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (120)

112

ثم ذكر نوعاً آخر من مضادتهم ومعاداتهم فقال : { إن تمسسكم حسنة } أي حسنة كانت من منافع الدنيا كالصحة والخصب والغنيمة والظفر على الأعداء والائتلاف بين الأحباء { تسؤهم } ساءه يسوءه نقيض سره يسره { وإن تصبكم سيئة } ضد من أضداد ما عددنا . { يفرحوا بها } ولم يفرق صاحب الكشاف ههنا بين المس والإصابة وجعل المعنى واحداً . وأقول : يشبه أن يكون المس أقل من الإصابة وأنه أدخل في بيان شدة العداوة ، وذلك أن الحسد لا ينهض لقليل من الخير إلا أن يكون هناك كمال البغض ، والشماتة قلما توجد إذا أصاب العدوّ بلية عظمى كما قيل :

عند الشدائد تذهب الأحقاد *** . . .

إلا أن يكون ثمة غاية الحقد . وإذا كان حال القوم مع المسلمين في القضيتين بالخلاف دل ذلك على شدة بغضهم ونهاية حقدهم ، وعلى هذا فلا يبعد أن يقال التنوين في { حسنة } للتقليل وفي { سيئة } للتعظيم { وإن تصبروا } على عداوتهم { وتتقوا } ما نهيتم عنه من موالاتهم ، أو إن تصبروا على أوامر الله تعالى وتتقوا محارمه { لا يضركم كيدهم } وهو احتيال الإنسان لإيقاع غيره في مكروه . وقال ابن عباس : هو العداوة . { شيئاً } من الضرر بل كنتم في كنف الله وحفظه . وفيه إرشاد من الله تعالى إلى أن يستعان على دفع مكايد الأعداء بالصبر والتقوى ، فمن كان لله كان الله له .

وفي كلام الحكماء إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلاً في نفسك . وقال بعضهم :

إذا ما شئت إرغام الأعادي *** بلا سيف يسل ولا سنان

فزد في مكرماتك فهي أعدى *** على الأعداء من نوب الزمان

{ إن الله بما يعملون } في عداوتكم أو بما تعملون أنتم من الصبر والتقوى . { محيط } فيجازي كل أحد بما هو أهله .

/خ120