فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (120)

إن تمسسكم حسنة تسؤهم و إن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط 120 وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم121

( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ) هذه الجملة مستأنفة لبيان تناهي عداوتهم إلى كل حسنة ، وأصل المس الجس باليد ثم يطلق على كل ما يصل إلى الشئ على سبيل التشبيه كما يقال مسه نصب وتعب ، قاله الخازن وحسنة وسيئة تعمان كل ما يحسن وما يسوء ، وعبر بالمس في الحسنة وبالإصابة في السيئة للدلالة على أن مجرد مس الحسنة تحصل به المساءة ولا يفرحون إلا بإصالة السيئة ، وقيل ان المس مستعار لمعنى الإصابة .

قال مقاتل : الحسنة النصر على العدو والرزق والخير ومنافع الدنيا ، والسيئة القتل والهزيمة والجهد والجدب ، ومعنى الآية أن من كانت هذه حالته لم يكن أهلا لأن يتخذ بطانة .

( وان تصبروا ) على عداوتهم وأذاهم او على التكاليف الشاقة ( وتتقوا ) الله في موالاتهم أو ما حرمه الله عليكم ( لا يضركم ) وقرئ بكسر الضاد وسكون الراء يقال ضاره يضيره ويضوره ضيرا بمعنى ضره يضره ( كيدهم شيئا ) والكيد احتيالك لتوقع غيرك في مكروه ، والمعنى لا يضركم شيئا من الضرر بفضل الله وحفظه .

( إن الله بما يعملون ) من الكيد ، على قراءة الياء وعليها اتفق العشرة أو من الصبر والتقوى على قراءة التاء وهي شاذة للحسن البصري ( محيط ) أي حافظ له لا يعزب عنه شئ منه .