الفرح : معروف يقال منه : فرح بكسر العين .
الكيد : المكر كاده يكيده مكر به .
قال ابن قتيبة : وأصله المشقة من قولهم : فلان يكيد بنفسه ، أي يعالج مشقات النزع وسكرات الموت .
{ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها } الحسنة هنا ما يسر من رخاء وخصب ونصرة وغنيمة ، ونحو ذلك من المنافع .
بين تعالى بذلك فرط عداوتهم حيث يسوءهم ما نال المؤمنين من الخير ، ويفرحون بما يصيبهم من الشدة .
قال الزمخشري : المس مستعار لمعنى الإصابة ، فكان المعنى واحداً .
ألا ترى إلى قوله : { إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة } الآية { ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك } { إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً } وقال ابن عطية : ذكر الله تعالى المس في الحسنة ليبين أن بأدنى طروء الحسنة تقع المساءة بنفوس هؤلاء المبغضين ، ثم عادل ذلك في السيئة بلفظ الإصابة ، وهي عبارة عن التمكن .
لأن الشيء المصيب لشيء هو متمكن منه ، أو فيه .
فدل هذا النوع البليغ على شدة العداوة ، إذ هو حقد لا يذهب عند نزول الشدائد ، بل يفرحون بنزول الشدائد بالمؤمنين انتهى كلامه .
والنكرة هنا في سياق الشرط بأن تعم عموم البدل ، ولم يأت معرفاً لإيهام التعيين بالعهد ، ولإيهام العموم الشمولي .
وقابل الحسنة بالسيئة ، والمساءة بالفرح وهي مقابلة بديعة .
قال قتادة والربيع وابن جريج : الحسنة بظهوركم على العدو ، والغنيمة منهم ، والتتابع بالدخول في دينكم ، وخصب معاشكم .
والسيئة بإخفاق سرية منكم ، أو إصابة عدو منكم ، أو اختلاف بينكم .
وقال الحسن : الحسنة الألفة ، واجتماع الكلمة .
والسيئة إصابة العدو ، واختلاف الكلمة .
وقال ابن قتيبة : الحسنة النعمة .
وهذه الأقوال هي على سبيل التمثيل ، وليست على سبيل التعيين .
{ وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً } قال ابن عباس : وإن تصبروا على أذاهم ، وتتقوا الله ، ولا تقنطوا ، ولا تسأموا أذاهم وإن تكرر .
وقال مقاتل : وإنْ تصبروا على أمر الله ، وتتقوا مباطنتهم .
وقال ابن عباس أيضاً : وإنْ تصبروا على الإيمان وتتقوا الشرك .
وقيل : وإنْ تصبروا على الطاعة وتتقوا المعاصي .
والذي يظهر أنه لم يذكر هنا متعلق الصبر ، ولا متعلق التقوى .
لكنَّ الصبر هو حبس النفس على المكروه ، والتقوى اتخاذ الوقاية من عذاب الله .
فيحسنُ أنْ يقدَّرَ المحذوف من جنس ما دل عليه لفظ الصبر ولفظ التقوى .
وفي هذا تبشير للمؤمنين ، وتثبيت لنفوسهم ، وإرشاد إلى الاستعانة على كيد العدو بالصبر والتقوى .
وقرأ الجمهور : أن تمسسكم بالتاء .
وقرأ السلمي بالياء معجمة من أسفل ، لأن تأنيث الحسنة مجازى .
وقرأ الحرميان وأبو عمرو وحمزة في رواية عنه : لا يضركم من ضار يضير .
ويقال : ضار يضور ، وكلاهما بمعنى ضرَّ .
وقرأ الكوفيون وابن عامر : لا يضرُّكم بضم الضاد والراء المشدّدة ، من ضرّ يَضُرُّ .
واختلف ، أحركةُ الراء إعرابٌ فهو مرفوعٌ أم حركة اتباع لضمة الضاد وهو مجزوم كقولك : مدّ ؟ ونسب هذا إلى سيبويه ، فخرج الإعراب على التقديم .
والتقدير : لا يضركم أن تصبروا ، ونسب هذا القول إلى سيبويه .
وخرج أيضاً على أنّ لا بمعنى ليس ، مع إضمار الفاء .
والتقدير : فليس يضركم ، وقاله : الفراء والكسائي .
وقرأ عاصم فيما روى أبو زيد عن المفضل عنه : بضم الضاد ، وفتح الراء المشددة .
وهي أحسن من قراءة ضم الراء نحو لم يرد زيد ، والفتح هو الكثير المستعمل .
وقرأ الضحاك : بضم الضاد ، وكسر الراء المشدّدة على أصل التقاء الساكنين .
وقال ابن عطية : فأما الكسر فلا أعرفه قراءة ، وعبارة الزجاج في ذلك متجوز فيها ، إذ يظهر من درج كلامه أنها قراءة انتهى .
وهي قراءة كما ذكرنا عن الضحاك .
وقرأ أبيُّ لا يضرركم بفك الإدغام وهي لغة أهل الحجاز ، وعليها في الآية إن يمسَسْكم .
ولغة سائر العرب الإدغام في هذا كله .
{ إن الله بما يعملون محيط } من قرأ بالياء فهو وعيد ، والمعنى : محيط جزاؤه .
وعبر بالإحاطة عن الاطلاع التام والقدرة والسلطان .
ومن قرأ بالتاء وهو : الحسن بن أبي الحسن فعلى الالتفات للكفار ، أو على إضمار قل : لهم يا محمد .
أو على أنه خطاب للمؤمنين تضمن توعدهم في اتخاذ بطانة من الكفار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.