الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (120)

الحسنة : الرخاء والخصب والنصرة والغنيمة ونحوها من المنافع . والسيئة ما كان ضدّ ذلك وهذا بيان لفرط معاداتهم حيث يحسدونهم على ما نالهم من الخير ويشمتون بهم فيما أصابهم من الشدّة .

فإن قلت : كيف وصفت الحسنة بالمس والسيئة بالإصابة ؟ قلت : المس مستعار لمعنى الإصابة فكان المعنى واحداً . ألا ترى إلى قوله : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ } [ التوبة : 50 ] ، { مَّا أصابك مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَمَا أصابك مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } ، { إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً } [ المعارج : 20 21 ] . { وَإِنْ تَصْبِرُواْ } على عداوتهم { وَتَتَّقُواْ } ما نهيتم عنه من موالاتهم . أو وإن تصبروا على تكاليف الدين ومشاقه وتتقوا الله في اجتنابكم محارمه كنتم في كنف الله فلا يضركم كيدهم . وقرئ «لا يضركم » من ضاره يضيره . ويضركم على أن ضمة الراء لإتباع ضمة الضاد ، كقولك مدّ يا هذا . وروى المفضل عن عاصم «لا يضركم » بفتح الراء ، وهذا تعليم من الله وإرشاد إلى أن يستعان على كيد العدو بالصبر والتقوى . وقد قال الحكماء : إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلا في نفسك { إِنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ } من الصبر والتقوى وغيرهما { مُحِيطٌ } ففاعل بكم ما أنتم أهله . وقرئ بالياء بمعنى أنه عالم بما يعملون في عداوتكم فمعاقبهم عليه .