إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (120)

{ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا } بيانٌ لتناهي عداوتِهم إلى حدِّ أنْ حسَدوا ما نالهم من خير ومنفعة وشمِتُوا بما أصابهم من ضر وشدة . وذكرُ المسِّ مع الحسنة والإصابة مع السيئة إما للإيذان بأن مدارَ مساءتِهم أدنى مراتبِ إصابةِ الحسنةِ ومناطَ فرحِهم تمامُ إصابةِ السيئةِ ، وإما لأن المسَّ مستعارٌ لمعنى الإصابة { وَأَن تَصْبِرُوا } أي على عداوتهم أو على مشاقّ التكاليفِ { وَتَتَّقُوا } ما حرّم الله تعالى عليكم ونهاكم عنه { لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ } مكرُهم وحيلتُهم التي دبّروها لأجلكم ، وقرئ لا يضِرْكم بكسر الضاد وجزم الراء على جواب الشرط من ضارَه يضيرُه بمعنى ضرّه يضُرّه ، وضمةُ الراءِ في القراءة المشهورة للإتباع كضمة مَدّ { شَيْئاً } نُصب على المصدرية أي لا يضركم شيئاً من الضرر بفضل الله وحفظِه الموعودِ للصابرين والمتقين ولأن المُجِدَّ في الأمر المتدرِّبَ بالاتقاء والصبرِ يكون جريئاً على الخصم { إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ } في عداوتكم من الكيد { مُحِيطٌ } علماً فيعاقبهم على ذلك . وقرئ بالتاء الفوقية أي بما تعملون من الصبر والتقوى فيجازيكم بما أنتم أهلُه .