جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} (28)

{ لا يتخذ{[651]} المؤمنون الكافرين أولياء } : نهوا عن موالاتهم بصداقة ، أو قرابة أو غيرهما { من دون المؤمنين } إشارة إلى أنهم الحقيق{[652]} بالمحبة . { ومن يفعل ذلك } : اتخاذهم أولياء بأن يظهر عليهم أسرار المسلمين . { فليس من الله } : من دين الله وولايته .

{ في شيء } : فإن محبتي متعادين لا تجتمعان . { إلا أن تتقوا{[653]} منهم تقاة } أي : إلا أن تخافوا من جهتهم ما يجب أن يتقى فيكون مفعولا به وجاز أن تضمن تتقوا معنى تحذروا فيكون معدى بمن ، وتقاة مصدر نهوا عن الموالاة في جميع الأوقات إلا وقت المخافة فإنه جازت المداراة حينئذ باللسان . { ويحذّركم الله نفسه } يعني عن عقاب يصدر عن نفسه ، وهذا غاية التحذير كما يقال : احذر غضب السلطان نفسه ،

{ وإلى الله المصير } فاحذروا كل الحذر .


[651]:ولما بين أن الخير كله بيده، وهو القادر على كل شيء وهو الرزاق فعلى عبيده أن يتوكلوا في جميع أمورهم على ربهم ولا يتجاوزوا بوجه من الوجوه وحال من الأحوال عن طاعة مولاهم ولا يركنوا إلى أعداء الله – حذر من الركون إليهم فقال: (لا يتخذ المؤمنون) الآية/12 وجيز.
[652]:في النسخة (ن): الأحقاء.
[653]:وتتقوا من باب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وهذا الالتفات في غاية الحسن؛ لأنه حين نهاهم عما لا يجوز جعلهم غائبين، ولما حصل الإذن في بعض ذلك واجههم إيذانا بلطف الله، وتشريفا بخطابه إياهم/12 وجيز.