الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} (28)

قوله : ( لاَّ يَتَّخِذِ الْمُومِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ . . . )[ 28 ] .

قال ابن عباس : نهى الله( {[9727]} ) المؤمنين أن يلاطفوا الكفار يتخذوهم أولياء ، إلا أن يكون الكفار لهم القوة والغلبة( {[9728]} ) ، فيظهر لهم اللطف بالقول( {[9729]} ) لا غير وهو قوله : ( إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً )( {[9730]} ) .

قال الضحاك : التقية أن يحمل على أمر( {[9731]} ) يتكلم به بلسانه من معصية الله فيفعل وهو مطمئن بالإيمان ، فلا إثم عليه( {[9732]} ) .

قال الحسن : ذلك في المشركين يكرهون المؤمنين على الكفر وقلوبهم كارهة( {[9733]} ) .

وقال قتادة : التقاة : أن تصل رحمك من الكفار من غير أن توليهم على المؤمنين فتصله لقرابة منك ولا تواليه في الدين( {[9734]} ) .

ويقال : إنها نزلت في عمار بن ياسر( {[9735]} ) ، وحاطب بن أبي بلتعة( {[9736]} ) ، أما عمار فخاف أن يقتله المشركون فكلمهم ببعض ما أحبوا ، وأما حاطب فكتب إلى المشركين يعلمهم بأخبار النبي عليه السلام( {[9737]} ) ليحفظوه في أهله بمكة وهو مطمئن بالإيمان( {[9738]} ) .

وقرأ مجاهد وجابر بن زيد وحميد والضحاك : تقية( {[9739]} ) .

وهي فعلية ، وتقاة : فعلة ، وهما مصدران( {[9740]} ) .

( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) ( أي )( {[9741]} ) من نفسه ، أي : تركبوا ما نهيتم عنه .


[9727]:- ساقط من (أ) و(ج).
[9728]:- (ج): الغلب.
[9729]:- (أ) و(ج): بالقوة.
[9730]:- انظر: جامع البيان 3/228، والدر المنثور 2/176.
[9731]:- (د): مر.
[9732]:- انظر: جامع البيان 3/229.
[9733]:- انظر: المصدر السابق.
[9734]:- انظر: جامع البيان 3/229 والدر المنثور 2/176.
[9735]:- عمار بن ياسر توفي 37 هـ صحابي من السابقين إلى الإسلام شهد بدراً وأُحداً والخندق، قتل في صفين، انظر: صفة الصفوة 1/442 وأسد الغابة 3/616، والإصابة 2/505.
[9736]:- حاطب بن أبي بلتعة توفي 30 هـ صحابي شهد الوقائع كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر: أسد الغابة 1/431 الإصابة 1/299.
[9737]:- (ج): صلى الله عليه وسلم.
[9738]:- لنزول هذه الآية أكثر من سبب غير ما ذكر هنا، انظر: جامع البيان 3/228 وأسباب النزول: 56، والمحرر 3/53.
[9739]:- وتنسب أيضاً إلى الحسن، انظر: معاني الفراء 1/205 أو إلى العباس ويعقوب وقتادة وأبو رجاء والجحدري وأبو حيوة. انظر: المحرر 3/54، أو إلى سهل والمفضل، انظر: البحر 2/424، ووردت بدون نسبة في جامع البيان 3/229، والحجة 107.
[9740]:- تقاة وتقية، قراءتان، واختلف فيهما، ففريق يرى أنهما بمعنى واحد، وبأيهما قرئ فهو صواب، انظر: معاني الفراء 1/205، وصحيح البخاري كتاب التفسير 5/165، وفريق يرى أن القراءة بـ"تقاة" أجود لثبوت الحجة بذلك ولأنها القراءة الصحيحة، وهو مذهب الجمهور، انظر: معاني الأخفش 1/4014، وانظر: جامع البيان 3/230.
[9741]:- ساقط من (د).