جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٞ يُصَلِّي فِي ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدٗا وَحَصُورٗا وَنَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (39)

{ فنادته الملائكة } أي : جنس الملائكة فإن المنادي جبريل وحده ، { وهو قائم } : في الصلاة{[672]} { يصلي في المحراب أن الله{[673]} } أي : بأن الله ، { يبشّرك بيحيى } أي : بولد من صلبك اسمه يحيى سمي به لأنه أحياه الله بالإيمان ، { مصدقا بكلمة من الله } أي : بعيسى سمي بالكلمة لأنه أوجده بخطاب كن دون أب ، وهو أول من صدق عيسى ، كانا ابني خالة ، وكانت أم يحيى تقول لمريم إني أجد ما في بطني يسجد لما في بطنك ، وقيل بكلمة من الله أي : بكتاب الله ، { وسيّدا } : حليما يفوق في الخلق والكرم والدين ، { وحَصُورا } : لا يأتي النساء أو الذي لا يولد له أو الذي لا ينزل الماء وقيل والدين ، { وحَصُورا } : لا يأتي النساء أو الذي لا يولد له أو الذي لا ينزل الماء وقيل حصورا في حبس النفس عن الشهوات{[674]} ، وفي الحديث{[675]} : ( كل ابن آدم يلقى الله بذنب إلا يحيى ابن زكريا فإنه كان سيدا وحصورا ) ثم أهوى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قذاة من الأرض فأخذها فقال : ( كان ذكره مثل هذه القذاة ){[676]} . { ونبيا } ناشئا ، { من{[677]} الصالحين{[678]} } أو كائنا ممن لم يأت ذنبا .


[672]:خبر بعد خبر، أو صفة لقائم، أو حال/12 منه.
[673]:ومن قرأ: (إن) بكسر الهمزة فعلى إرادة القول أي: فنادته الملائكة وقالت: (إن الله) أو لأن النداء نوع من القول /12 منه.
[674]:هذا هو الأرجح لأن الفضيلة لا تتم إلا بحبس النفس عن المعصية مع توفر دواعيها.د/هنداوي.
[675]:رواه ابن أبي حاتم بروايات متنوعة، وابن المنذر في تفسيره وقد صح عن كثير من الصحابة أنه لم يأت النساء إما لحبس نفسه عن الشهوات أو لأنه عنين، وقد منعه قاضي عياض في الشفاء بأن العنة عيب ونقيصة لا يليق بالأنبياء وقال: (بل معناه أمه معصوم عن الفواحش)، وقال ابن كثير في الحديث المرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام: في هذا المعنى نظر، والموقوف إلى الصحابة أقوى إسنادا من المرفوع/12 منه.
[676]:ذكره الحافظ ابن كثير في (التفسير) (1/362) من طريق ابن أبي حاتم واستغربه، وهو كذلك إذ إن العنة – وهي عدم الميل إلى النساء – صفة نقص وذم منافية لصفات الكمال التي جبل الأنبياء عليها، فضلا عن أنها قادحة في رجولتهم وفحولتهم، وقد ثبت أن سليمان – عليه السلام – طاف على سبعين امرأة وفي رواية: مائة امرأة في ليلة واحدة، وكذا نبيا – صلى الله عليه وسلم – طاف على نسائه التسع في ليلة واحدة.
[677]:فمن للابتداء فإنه كان من أصلاب الأنبياء/12.
[678]:قال الزجاج: الصالح الذي يؤدي لله ما افترض عليه وللناس حقوقهم/12 فتح.