جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۭ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡـٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (64)

{ قل يا أهل الكتاب } : اليهود ، والنصارى ، ومن جرى مجراهم ، { تعالَوا إلى كلمة سواء } : مستوية ، { بيننا وبينكم } : لا يختلف فيها رسول ، ولا كتاب ، والكلمة تطلق على الجملة وتفسيرها قوله : { ألا نعبد إلا الله } : نوحده بالعبادة ، { ولا نشرك به شيئا } : في استحقاق العبادة ، { ولا يتخذ{[721]} بعضنا بعضا أرباباً من دون الله } : لا{[722]} يطيع بعضنا بعضا في معصية الله ، أو لا نسجد لأحد ، قيل : كما اتخذت النصارى عيسى واليهود عزيرا ، { فإن تولّوا } : عن إجابة التوحيد ، { فقولوا اشهدوا{[723]} بأنا مسلمون } : مقرون بالتوحيد دونكم .


[721]:اختلفوا في معنى اتخاذهم إياهم أربابا بعد الاتفاق على أنه ليس المراد أنه جعلوهم آلهة فقال أكثر المفسرين المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم ثم نقل حديث عدي بن حاتم الذي رواه الترمذي أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} قال: (إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه) [وهو حديث حسن، انظر صحيح سنن الترمذي (2471)] نقله بلفظ آخر وذكرت هنا لفظ الترمذي، ثم ذكر قول الربيع أنه قال: قلت لأبي العالية كيف كانت الربوبية في بني إسرائيل؟ فقال: إنهم ربما وجدوا في كتاب الله ما يخالف قول الأحبار والرهبان فكانوا يأخذون بأقوالهم، وما كانوا يقبلون حكم الله تعالى قال العلماء: إنما يلزم له تكفير الفاسق بطاعة الشيطان خلاف ما عليه الخوارج؛ لأن الفاسق وإن كان يقبل دعوة الشيطان إلا أنه يلعنه، ويستخف به بخلاف أولئك الأتباع المعظمين قال الإمام فخر الدين الرازي: قد شاهدت من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله في مسائل كانت تلك الآيات مخالفة لمذهبهم فيها فلم يقبلوا تلك الآيات، ولم يلتفتوا إليها، وكانوا ينظرون إليّ كالمتعجب يعني كيف يمكن العمل بظواهر تلك الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت بخلافها، ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين انتهى ما في التفسير للنيسابوري.
[722]:كما قال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} (التوبة: 31) /12 منه.
[723]:يعني لزمتكم الحجة فوجب عليكم الاعتراف بإسلامنا وهذا كما يقول الغالب للمغلوب اعترف بأني أنا الغالب/12 وجيز.