{ أربابا } سادة يطاعون في معصية الله تعالى .
{ قل يا أهل الكتاب } . . . قيل المراد يهود المدينة وقال اليهود والنصارى جميعا لأن ظاهر اللفظ يتناولهما . . والمراد من قوله { تعالوا } تعيين ما دعوا به والتوجه إلى النظر فيه وإن لم يكن انتقالا من مكان إلى مكان والمعنى هلموا{ إلى كلمة سواء } فيها إنصاف من بعضنا لبعض لا ميل فيه لأحد على صاحبه والسواء هو العدل والإنصاف لأن حقيقة الإنصاف إعطاء النصف وفيه التسوية بينه وبين صاحبه أو المراد إلى كلمة سواء مستوية { بيننا وبينكم } لا يختلف فيها القرآن والتوراة والإنجيل وتفسير الكلمة ب قوله { ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله } فمحل { ألا نعبد } خفض على البدل من { كلمة } . . . وهو خبر في معنى الأمر أي اعبدوا ربكم وإنما ذكر أمور ثلاثة لأن النصارى جمعوا بين ثلاثة فعبدوا غير الله وهو المسيح وأشركوا به غيره لأنهم أثبتوا أقانيم ثلاثة : أبا وابنا وروح القدس ثم قالوا إن أقنوم الكلمة تدرعت بناسوت المسيح وأقنوم روح القدس تدرعت بناسوت مريم ولولا كون هذين الأقنومين ذاتين مستقلتين لما جاز عليهما مفارقة ذات الأب والتضرع بناسوت عيسى ومريم ، وحيث أثبتوا ثلاثة ذوات مستقلة فقد أشركوا ثم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا لأنهم أطاعوهم في التحليل والتحريم من تلقاء أنفسهم من غير شرعة وبيان ولأنهم يسجدون لهم ويطيعونهم في المعاصي وهوى النفس ورؤية الأمور من الوسائط
{ أفرأيت الذي اتخذ إلهه هواه . . }{[1010]} ، ولأن مذهبهم أن الكامل في الرياضة يظهر فيه أثر اللاهوت ويحل فيه فيقدر على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فهم وإن لم يطلقوا عليهم اسم الرب إلا أنهم أثبتوا في حقهم معنى الربوبية فثبت أن النصارى جمعوا بين الأمور الثلاثة ، وبطلانها كالأمر المتفق عليه بين العقلاء ] {[1011]} .
{ فإن تولوا } فإن أعرض الذين تدعوهم إلى ما أنزلت عليك ولم يقبلوا الكلمة السواء ولم يستيقنوا التوحيد واستمروا على شركهم { فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } فاعتزوا أنتم بما هديتكم إليه من الدين الحق وتابعوا الدعوة إليه وكونوا عنوانا عليه فذلك هو الفصل المبين { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين }{[1012]} كما يقول الغالب لمغلوبه في جدال وصراع لزمتك الحجة فاعترف بأني أنا الغالب أو يكون من باب التعريض ومعناه فاعترفوا بأنكم الكافرون حيث أعرضتم عن الحق بعدما تبين .
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس قال : حدثني أبو سفيان أن هرقل دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.