ولما نكصوا عن المباهلة بعد أن أورد{[17782]} عليهم أنواع الحجج فانقطعوا ، فلم تبق{[17783]} لهم شبهة وقبلوا{[17784]} الصغار والجزية ، فعلم انحلالهم عما كانوا فيه من المحاجة{[17785]} ولم يبق إلا إظهار النتيجة ، اقتضى ذلك عظم تشوفه{[17786]} صلى الله عليه وسلم إليها{[17787]} لعظم حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق{[17788]} ، فأمره{[17789]} بأن{[17790]} يذكرها مكرراً إرشادهم بطريق أخف مما{[17791]} مضى بأن يؤنسهم{[17792]} فيما يدعوهم{[17793]} إليه بالمؤاساة{[17794]} ، فيدعو دعاء يشمل{[17795]} المحاجين{[17796]} من النصارى وغيرهم ممن{[17797]} له كتاب من اليهود وغيرهم إلى الكلمة التي قامت البراهين على حقيتها{[17798]} ونهضت الدلائل على صدقها ، دعاء لا{[17799]} أعدل منه ، على وجه يتضمن نفي ما قد يتخيل من إرادة التفضل عليهم{[17800]} والاختصاص بأمر دونهم ، وذلك أنه{[17801]} بدأ بمباشرة ما دعاهم{[17802]} إليه ورضي لهم ما رضي لنفسه وما اجتمعت عليه الكتب واتفقت عليه الرسل فقال سبحانه وتعالى : { قل } ولما كان قد انتقل من طلب الإفحام{[17803]} خاطبهم تلطفاً بهم بما يحبون فقال : { يا أهل الكتاب } إشارة إلى ما عندهم في ذلك من العلم { تعالوا } أي{[17804]} ارفعوا{[17805]} أنفسكم من حضيض{[17806]} الشرك الأصغر والأكبر الذي أنتم به { إلى كلمة } ثم وصفها بقوله : { سواء } أي ذات عدل لا شطط فيه بوجه
{ بيننا وبينكم } ثم فسرها{[17807]} بقوله : { ألا نعبد إلا الله } أي لأنه الحائز لصفات الكمال ، وأكد ذلك بقوله : { ولا نشرك به شيئاً } أي لا نعتقد له شريكاً وإن لم نعبده .
ولما كان التوجه إلى غير الله خلاف ما تدعو إليه الفطرة{[17808]} الأولى عبر بصيغة الافتعال فقال : { ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً } أي{[17809]} كعزير{[17810]} والمسيح والأحبار والرهبان الذين يحلون ويحرمون . ولما كان الرب قد يطلق على {[17811]}المعلم والمربي{[17812]} بنوع تربية نبه{[17813]} على أن المحذور إنما هو اعتقاد الاستبداد ، والاجتراء على ما يختص به الله سبحانه وتعالى فقال : { من دون الله } الذي اختص بالكمال .
ولما زاحت الشكوك وانتفت العلل أمر بمصارحتهم بالخلاف في سياق ظاهره المتاركة وباطنه الإنذار الشديد المعاركة فقال - مسبباً عن ذلك مشيراً بالتعبير بأداة الشك{[17814]} إلى أن الإعراض{[17815]} عن هذا{[17816]} العدل لا يكاد يكون : { فإن تولوا } أي عن الإسلام له{[17817]} في التوحيد { فقولوا } أنتم تبعاً لأبيكم إبراهيم عليه السلام إذ قال :{ أسلمت لرب العالمين{[17818]} } [ البقرة : 131 ] {[17819]}وامتثالاً لوصيته{[17820]} إذ قال :{ ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون{[17821]} {[17822]} }[ البقرة : 132 ] { اشهدوا بأنا } أي نحن { مسلمون * } أي متصفون بالإسلام منقادون لأمره ، فيوشك أن يأمرنا نبيه{[17823]} صلى الله عليه وسلم بقتالكم لنصرته عليكم جرياً على عادة الرسل ، فنجيبه بما أجاب به الحواريون المشهدون بأنهم مسلمون ، ثم نبارزكم متوجهين إليه معتمدين عليه ، وأنتم تعرفون أيامه الماضية{[17824]} ووقائعه السالفة{[17825]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.