نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۭ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡـٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (64)

ولما نكصوا عن المباهلة بعد أن أورد{[17782]} عليهم أنواع الحجج فانقطعوا ، فلم تبق{[17783]} لهم شبهة وقبلوا{[17784]} الصغار والجزية ، فعلم انحلالهم عما كانوا فيه من المحاجة{[17785]} ولم يبق إلا إظهار النتيجة ، اقتضى ذلك عظم تشوفه{[17786]} صلى الله عليه وسلم إليها{[17787]} لعظم حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق{[17788]} ، فأمره{[17789]} بأن{[17790]} يذكرها مكرراً إرشادهم بطريق أخف مما{[17791]} مضى بأن يؤنسهم{[17792]} فيما يدعوهم{[17793]} إليه بالمؤاساة{[17794]} ، فيدعو دعاء يشمل{[17795]} المحاجين{[17796]} من النصارى وغيرهم ممن{[17797]} له كتاب من اليهود وغيرهم إلى الكلمة التي قامت البراهين على حقيتها{[17798]} ونهضت الدلائل على صدقها ، دعاء لا{[17799]} أعدل منه ، على وجه يتضمن نفي ما قد يتخيل من إرادة التفضل عليهم{[17800]} والاختصاص بأمر دونهم ، وذلك أنه{[17801]} بدأ بمباشرة ما دعاهم{[17802]} إليه ورضي لهم ما رضي لنفسه وما اجتمعت عليه الكتب واتفقت عليه الرسل فقال سبحانه وتعالى : { قل } ولما كان قد انتقل من طلب الإفحام{[17803]} خاطبهم تلطفاً بهم بما يحبون فقال : { يا أهل الكتاب } إشارة إلى ما عندهم في ذلك من العلم { تعالوا } أي{[17804]} ارفعوا{[17805]} أنفسكم من حضيض{[17806]} الشرك الأصغر والأكبر الذي أنتم به { إلى كلمة } ثم وصفها بقوله : { سواء } أي ذات عدل لا شطط فيه بوجه

{ بيننا وبينكم } ثم فسرها{[17807]} بقوله : { ألا نعبد إلا الله } أي لأنه الحائز لصفات الكمال ، وأكد ذلك بقوله : { ولا نشرك به شيئاً } أي لا نعتقد له شريكاً وإن لم نعبده .

ولما كان التوجه إلى غير الله خلاف ما تدعو إليه الفطرة{[17808]} الأولى عبر بصيغة الافتعال فقال : { ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً } أي{[17809]} كعزير{[17810]} والمسيح والأحبار والرهبان الذين يحلون ويحرمون . ولما كان الرب قد يطلق على {[17811]}المعلم والمربي{[17812]} بنوع تربية نبه{[17813]} على أن المحذور إنما هو اعتقاد الاستبداد ، والاجتراء على ما يختص به الله سبحانه وتعالى فقال : { من دون الله } الذي اختص بالكمال .

ولما زاحت الشكوك وانتفت العلل أمر بمصارحتهم بالخلاف في سياق ظاهره المتاركة وباطنه الإنذار الشديد المعاركة فقال - مسبباً عن ذلك مشيراً بالتعبير بأداة الشك{[17814]} إلى أن الإعراض{[17815]} عن هذا{[17816]} العدل لا يكاد يكون : { فإن تولوا } أي عن الإسلام له{[17817]} في التوحيد { فقولوا } أنتم تبعاً لأبيكم إبراهيم عليه السلام إذ قال :{ أسلمت لرب العالمين{[17818]} } [ البقرة : 131 ] {[17819]}وامتثالاً لوصيته{[17820]} إذ قال :{ ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون{[17821]} {[17822]} }[ البقرة : 132 ] { اشهدوا بأنا } أي نحن { مسلمون * } أي متصفون بالإسلام منقادون لأمره ، فيوشك أن يأمرنا نبيه{[17823]} صلى الله عليه وسلم بقتالكم لنصرته عليكم جرياً على عادة الرسل ، فنجيبه بما أجاب به الحواريون المشهدون بأنهم مسلمون ، ثم نبارزكم متوجهين إليه معتمدين عليه ، وأنتم تعرفون أيامه الماضية{[17824]} ووقائعه السالفة{[17825]} .


[17782]:زيد من ظ ومد.
[17783]:في ظ: فلم يبق.
[17784]:من ظ ومد، وفي الأصل: وقيل.
[17785]:من ظ، وفي الأصل ومد: المحاججة.
[17786]:في ظ: نشوقه وفي مد:نشوفه ـ كذا..
[17787]:سقط من مد.
[17788]:سقط من مد.
[17789]:من ظ ومد، وفي الأصل: فأمرها.
[17790]:في ظ: أن.
[17791]:في ظ: بما.
[17792]:في ظ: يومهم.
[17793]:من مد، وفي الأصل: يوعدهم، وفي ظ: يدعون.
[17794]:في ظ: المساواة.
[17795]:في مد: تشمل.
[17796]:من ظ، وفي الأصل ومد: المحاججين.
[17797]:في ظ: من.
[17798]:من مد وظ، وفي الأصل: حقيقتها.
[17799]:زيد من ظ ومد.
[17800]:سقط من ظ.
[17801]:في ظ: لأنه.
[17802]:من ظ ومد، وفي الأصل: دعا.
[17803]:قي ظ: الاقحام.
[17804]:سقط من ظ.
[17805]:من ظ،وفي الأصل ومد: ارفقوا.
[17806]:من مد ، وفي الأصل: خصيص، وفي ظ: وفي الأصل ومد: حصيص.
[17807]:في ظ: فسره.
[17808]:في ظ: النظرة.
[17809]:زيد من ظ ومد.
[17810]:في ظ : لعزيز.
[17811]:من ظ ومد، وفي الأصل: المربى والمعلم.
[17812]:من ظ ومد، وفي الأصل: المربى والمعلم.
[17813]:زيد من ومد.
[17814]:زيد منن مد وظ.
[17815]:في الأصول: الاغراض.
[17816]:في ظ: نداء.
[17817]:زيد من مد وظ.
[17818]:سورة 2 آية 131.
[17819]:من ظ ومد، وفي الأصل: وامنت لا لوهيته ـ كذا.
[17820]:من ظ ومد، وفي الأصل: وامنت لا لوهيته ـ كذا..
[17821]:سورة 2 آية 132.
[17822]:زيد من مد وظ.
[17823]:من ظ ومد، وفي الأصل: بنبيه.
[17824]:في ظ: ووقائعة السالفون.
[17825]:في ظ: ووقائعة السالفون.