تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۭ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡـٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (64)

{ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلما تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وانتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين }

64

المفردات :

أهل الكتاب : اليهود والنصارى .

تعالوا : اقبلوا ووجهوا النظر إلى ما دعيتم إليه .

إلى كلمة : إلى العمل بكلمة والمراد بها هنا الكلام الآتي بيانه في الآية الكريمة .

سواء بيننا وبينكم ولا يتخذ بعضنا بعضا : مستوية عادلة نعمل بها جميعا ولا نختلف فيها .

أرباب من دون الله : الرب هو السيد المربي الذي يطاع فيما يأمر وينهى ويراد به هنا ما له حق التشريع من تحريم وتحليل .

مسلمون : منقادون لله مخلصون له .

التفسير :

64- { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا . . . } .

قل يا أهل الكتاب هلموا وانظروا في مقالة عادلة اتفقت عليها الرسل والكتب وأمرت بها التوراة والإنجيل والقرآن ثم بين هذه الكلمة فقال :

{ ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا } لا صنما ولا كوكبا ولا نارا ولا ملائكة ولا غير ذلك .

{ ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون الله } فلا يتخذ اليهود عزيرا ابنا لله ولا يتخذ النصارى المسيح ابنا لله ولا يقولون إنه ثالث ثلاثة .

وقد حوت هذه الآية وحدانية الالوهية ووحدانية الربوبية وهذا القدر متفق عليه في جميع الأديان فقد جاء إبراهيم بالتوحيد وجاء به موسى وعيسى ومحمد خاتم النبيين وقد جاء في أسفار العهد القديم نصوص عديدة ناطقة بتوحيد الله وتنزيهه عن الشريك ( 180 ) .

وقد كان اليهود موحدين وفي التوراة يقول الله لموسى : " إن الرب إلهك لا يكن لك آلهة أخرى " .

ومنبع شقاء اليهود إتباعهم لرؤساء الدين فيما يقررون من الأحكام وجعله بمنزلة الأحكام المنزلة من عند الله وسار النصارى على هذا المنوال وزادوا مسألة غفران الخطايا وهي مسألة كان لها أثر خطير في المجتمع المسيحي حتى بلغ من أمرها ان ابتلعت الكنائس أكثر أموال الناس فقامت طائفة جديدة تطلب الإصلاح فرقة ( البروتستانت ) وقالت دعونا من هؤلاء الأرباب وخذوا الدين من الكتاب ولا تشركوا معه شيئا سواه من قول وفلان .

روى عدى ابن حاتم قال " أتيت رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدى اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرا في سورة براءة { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباب من دون الله } فقلت : يا رسول الله لم يكونوا يعبدونهم فقال : اما كانوا يحللون لكم ويحرمون فلا تأخذون بأقوالهم قال نعم فقال عليه الصلاة والسلام : هو كذلك " ( 181 ) .

ثم قال له لنبي محمد صلى الله عليه وسلم : { فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأننا مسلمون . أي فإن اعرضوا عما دعوتم إليه من توحيد الله وعدم إشراك غيره معه في العبادة فاعلموا أنهم لزمتهم الحجة ولكنهم إن أبوا الحق عنادا فقلوا لهم أنصفونا واشهدوا معترفين لنا بأننا مسلمون مخلصون لربنا .

وقد ورد في صحيح البخاري ان الر سول صلى الله عليه وسلم أرسل كتابه إلى قيصر ملك الروم يدعوه للإسلام وفيه :

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى اما بعد فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإنما عليك إثم الإريسين :

{ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } . ( 182 ) .