{ قل يا أهل الكتاب } وهو يعم أهل الكتابين وهم اليهود والنصارى { تعالوا إلى كلمة } العرب تسمي كل قصة لها شرح كلمة ومنها سميت القصيدة كلمة ، وقوله تعالى : { سواء } مصدر بمعنى مستو أمرها لا تختلف فيها الرسل والكتب { بيننا وبينكم } هو نعت الكلمة ؛ لأنّ المصادر لا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث ، فإذا فتحت السين مدّت وإذا كسرت أو ضمت قصرت كقوله تعالى : { مكاناً سوى } ( طه ، 58 ) ثم فسر الكلمة بقوله : { أن لا نعبد إلا الله } أي : نوحده بالعبادة ونخلص له فيها { ولا نشرك به شيئاً } أي : ولا نجعل غيره شريكاً له في استحقاق العبادة ولا نراه أهلاً ؛ لأن يعبد { ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله } أي : ولا نقول عزير ابن الله ولا المسيح ابن الله ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم والتحليل ، لأنهم بشر مثلنا .
روى الترمذي لما نزل قوله تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله } قال عدي بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله قال : ( أليس كانوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بقولهم ؟ قال : نعم قال : هو ذلك ) أي : أخذكم بقولهم { فإن تولوا } أي : أعرضوا عن التوحيد { فقولوا } أنتم لهم { اشهدوا بأنا مسلمون } أي : موحدون دونكم فقد لزمتكم الحجة فوجب عليكم أن تعترفوا بذلك ، كما يقول الغالب للمغلوب في جدال أو صراع أو نحو ذلك : اعترف بأني الغالب وسلم لي الغلبة .
قال البيضاوي : تنبيه : انظر ما راعى أي : الله سبحانه وتعالى في هذه القصة من المبالغة والإرشاد وحسن التدرج في الحجاج أولاً لأحوال عيسى وما تعاور عليه من الأطوار المنافية للإلهية ، ثم ذكر ما يحل عقدتهم ويزيح أي : يزيل شبهتهم ، فلما رأى عنادهم ولجاجهم دعاهم إلى المباهلة بنوع من الإعجاز ثم لما أعرضوا عنها وانقادوا بعض الانقياد عاد إليهم بالإرشاد وسلك طريقاً أسهل وألزم بأن دعاهم إلى ما وافق عليه عيسى والإنجيل وسائر الأنبياء والكتب ثم لما لم يجد أي : ينفع ذلك أيضاً عليهم وعلم أن الآيات والنذر لا تغني عنهم أعرض عن ذلك ، وقال : اشهدوا بأنا مسلمون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.