تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۭ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡـٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (64)

الآية 64 وقوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } يعني كلمة الإخلاص والتوحيد سواء بيننا وبينكم ، أي عدل ، أي تلك الكلمة عدل بيننا وبينكم ، لأنهم كانوا يقرون أن خالق السموات والأرض الله ، بقوله{[3919]} : { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } [ لقمان : 25 و . . ] وكذلك يقرون /61-أ/ أن خالقهم الله بقوله : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } [ الزخرف : 87 ] لكن منهم من يعبدون [ من دون ]{[3920]} الله أوثانا ، ويقولون : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] ومنهم من يجعل له شركاء وأنداداً يشركهم في عبادته ، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يجعلوا عبادتهم إلى الذي{[3921]} أنعم عليهم إذ العبادة لا تكون إلا لله الذي أقروا جميعا أنه خالق السموات والأرض ، وأنه ربهم{[3922]} ، وألا يصرفوا عبادتهم إلى غير الذي أنعم عليهم إذ العبادة هي تشكر وجزاء ما أنعم عليهم { ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله } لأن العبادة لواحد أهون وأخف من العبادة لعدد ، وأن صرف العبادة إلى من أنعم عليكم أولى من صرفها إلى الذي لم ينعم عليكم ؛ إذ ذاك جور وظلم في العقل أن ينعم أحد على آخر ، فيشكر غيره .

قال الشيخ ، رحمه الله تعالى : { العدل في اللغة وضع الشيء في موضعه وفي إخلاص العبادة لله والتوحيد ، وذلك وهذا معنى سواء . وجائز أن تكون كلمة يستوي فيها أنها عدل ما شهد لنا بهذا كل أنواع الحجج .

وقوله تعالى : { فإن تولوا } يحتمل { تولوا } عن طاعة الله وتوحيده وصرف العبادة إليه ، فقل كذا ، ويحتمل { فإن تولوا } عن المباهلة والملاعنة فقل : { اشهدوا بأن مسلمون } أي مخلصون العبادة له ، صارفون الشكر إلى ما أنعم علينا ، والله أعلم .

قال الشيخ ، رحمه الله : { فإن تولوا } عن قبول ما دعوتهم إليه من الاجتماع على الكلمة .


[3919]:في الأصل وم: يقول.
[3920]:ساقطة من الأصل وم.
[3921]:في الأصل وم: غير الذي.
[3922]:من م، في الأصل: بربهم.