جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{قَدِ ٱفۡتَرَيۡنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا إِنۡ عُدۡنَا فِي مِلَّتِكُم بَعۡدَ إِذۡ نَجَّىٰنَا ٱللَّهُ مِنۡهَاۚ وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَاۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَاۚ رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰتِحِينَ} (89)

{ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا } يدل على جواب الشرط قد افترينا ، أي : قد افترينا الآن إن هممنا{[1659]} بالعود بعد الخلاص منها فإن المرتد مفترى في إثبات الند ، وفي ظهور الحقية عنده للدين الباطل فهو أقبح من الكافر { وما يكون } لا يمكن { لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله{[1660]} ربنا } ارتدادنا فإنه مصرف القلوب كيف يشاء ، ولو أراد الله بأحد سوء فلا مرد له { وسِع ربنا كل شيء علما } أحاط علمه بما كان وما يكون ، وعِلماً تمييز ، { على الله توكلنا } في تثبيتنا على الإيمان وتخليصنا منكم ، { ربنا افتح } اقض واحكم { بيننا وبين قومنا بالحق } فأنزل على كل منا ما يستحقه{[1661]} لا أن تهلكهم بدعائي وهم غير مستحقين للعذاب { وأنت خير الفاتحين } .


[1659]:جواب عما يقال ظاهره إخبار مقيد بالشرط وما تقدم بمنزلة الجزاء وظاهر أن الافتراء الماضي لا يتعلق بالعود وحاصل الجواب أن قد افترينا بمعنى المستقبل؛ لأنه لم يقع لكنه جعل كالواقع للمبالغة وأدخل عليه قد لتقريبه من الحال كأنه قيل: قد افترينا الآن إن هممنا العود قاله أبو البقاء رحمه الله/12 منه.
[1660]:يعني لا يمكن الارتداد ونحن على هذا الطبع المستقيم نعم لو أراد ارتدادنا فهو قادر على تغيير طبعنا وتبدله كمرآة أكله الصداء فإنها لا تقبل الجلاء نعم للحداد أن يذيبها ويجعلها مرآة تقبل الجلاء/12 وجيز.
[1661]:هذا المعنى يستفاد عن قوله: (بالحق) وإلا فجميع حكم الله بالحق ولا يصدر عن الله شيء إلا وهو حق/12 منه.