الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَدِ ٱفۡتَرَيۡنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا إِنۡ عُدۡنَا فِي مِلَّتِكُم بَعۡدَ إِذۡ نَجَّىٰنَا ٱللَّهُ مِنۡهَاۚ وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَاۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَاۚ رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰتِحِينَ} (89)

قال ( ص ) : { قَدِ افترينا }[ الأعراف :89 ] هو بمعنى المستقبل ، لأنه سَدَّ مسد جواب الشرط ، وهو : { إِنْ عُدْنَا } أو هو جوابه ، على قول ، انتهى .

وقوله : { إِلاَّ أَن يَشَاءَ الله رَبُّنَا } يحتملُ أن يريد إلاَّ أنْ يسبق علينا في ذلك مِنَ اللَّه سابقُ سُوء ، وينفذ منه قضاءٌ لا يُرَدُّ .

قال ( ع ) : والمُؤمنون هم المجوزون لذلك ، وأما شُعَيْبٌ ، فقد عصمته النبوءة ، وهذا أظهر ممَّا يحتملُ القول ، ويحتمل أنْ يريد استثناء ما يمكن أن يتعبَّد اللَّهُ به المؤمنين ممَّا يفعله الكُفَّارُ مِنَ القربات .

وقيل : إِنَّ هذا الاستثناء إِنما هو تَسَنُّنٌ وَتَأَدُّبٌ ، وقوله : { وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } : معناه : وَسِعَ عِلْمُ رَبنا كلَّ شيء ، كما تقول : تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقاً أَيْ : تصبَّب عَرَقُ زيدٍ ، وَ{ وَسِعَ } بمعنى «أحاط » ، وقوله : { افتح } معناه : احكم ، وقوله : { عَلَى الله تَوَكَّلْنَا } استسلام للَّه سبحانه ، وتمسُّكٌ بلطفه ، وذلك يؤيِّد التأويل الأول في قوله : { إِلاَّ أَن يَشَاءَ الله رَبُّنَا }[ الأعراف :89 ] .