جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِذۡ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةٗ مِّنۡهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ وَيُذۡهِبَ عَنكُمۡ رِجۡزَ ٱلشَّيۡطَٰنِ وَلِيَرۡبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمۡ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلۡأَقۡدَامَ} (11)

{ إذ يغشيكم } : الله { النعاس } بدل ثان من إذ يعدكم أو بإضمار اذكر { أمنة } أمنا وهو مفعول له وفيه شرط{[1812]}النصب ؛ لأن حاصل معنى يغشيكم النعاس تنعسون والآمنة فعل لفاعله { منه } أي حاصلة من الله تعالى وهذه السنة{[1813]} في البدر أيضا ففي الصحيح أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - مع الصديق يدعوان يوم بدر في العريش أخذته سنة ثم استيقظ متبسما قال : أبشر يا أبا بكر هذا جبريل على ثناياه النقع ، وعن علي{[1814]} – رضي الله عنه - قال لقد رأينا يوم بدر وما فينا إلا نائم إلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي ويبكي حتى أصبح { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } : من الجناة والحدث { ويذهب عنكم رجز الشيطان } وسوسته ، فإنهم في البدر نزلوا على الماء ، فاحتلم {[1815]} أكثرهم وقد غلب الكفار على الماء ، وقد وسوس إليهم الشيطان بأنكم تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسول الله وحينئذ تصلون على جنابة ، فأنزل الله تعالى المطر ، وسال الوادي { وليربط على قلوبكم } بالصبر واليقين { ويثبت به } : بسبب المطر والربط { الأقدام{[1816]} } على المحاربة يعني قوى{[1817]} قلوبهم ، وشجعهم أو المطر لبد{[1818]} الرمل بحيث لا يغوص أرجلهم فيه ، فثبت أقدامهم ، فإنهم في كثيب أعفر{[1819]} تسوخ فيه الأقدام .


[1812]:وهو أن يتخذ فاعله وفاعل عامله/12.
[1813]:يعني حكاية النعاس في أحد مشهورة، وفي البدر على ما نقلناه من الصحيح فهو نعاس خاصة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما على ما نقل الحافظ أبو يعلى عن علي – رضي الله عنه - فالأمر ظاهر، وفي الجملة القرآن دال على أن النعاس في بدر أيضا كما كان في أحد، إلا كما قال الواحدي في الوجيز/12منه [ذكره السيوطي في الدر المنثور" (3/313) وعزاه للبيهقي في "الدلائل" من طريق عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه].
[1814]:رواه الحافظ أبو يعلى/12 منه [ذكره السيوطي في"الدر المنثور"(3/310) وعزاه لأبي يعلى والبيهقي في "الدلائل"].
[1815]:هذا ما روى عن ابن عباس، وفي الفتح: إن المشهور في كتب السير المعتمدة إن المشركين لم يغلبوا المؤمنين على الماء، بل المؤمنون هم الذين غلبوا عليه من الابتداء وهذا المروي عن ابن عباس في إسناده العوفي، وهو ضعيف جدا/12 [ذكره السيوطي في "الدر المنثور (3 /311) وعزاه لابن المنذر وأبي الشيخ من طريق ابن جرير عن ابن عباس- رضي الله عنه].
[1816]:بدأ بلام العلة في فعل جسماني هو التطهير، وعطف عليه من غير لام العلة ما هو من لازم التطهير، ثم عطف باللام ما هو فعل محله القلب، وعطف عليه بغير اللام ما هو من لازمه فما أفصح أداء/12 وجيز.
[1817]:على الوجه الأول: تثبيت الأقدام مجاز، وعلى الثاني: حقيقة/12 منه.
[1818]:هكذا روي عن عروة بن الزبير ومجاهد/12 منه[ ذكره السيوطي في"الدر المنثور" (3/311). وعزاه لابن إسحاق وابن أبى حاتم].
[1819]:الأعفر: رمل ابيض يخالط حمرة، وتسوخ: تغيب/12.