معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (112)

وقوله : { قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً112 }

يعني : مكَّة أنها كانت لا يُغار عليها كما تفعل العرب : كانوا يتغاورون ، ( مُّطْمَئِنَّةً ) : لا تنتقل كما تنتجِع العرب الخِصْب بالنُّقْلة .

وقوله : { مِّن كُلِّ مَكَانٍ } : من كلّ ناحية ، { فَكَفَرَتْ } ، ثم قال : { بِما كَانُواْ يَصْنَعُونَ } ، ومثله في القرآن كثير . منه قوله : { فَجَاءها بَأْسُنا بَيَاتاً أَوُهُمْ قائلونَ } ولم يقل : قائلة . فإذا قال : ( قائلون ) ، ذهب إلى الرجال ، وإذا قال : ( قائلة ) ، فإنما يعني : أهلها ، وقوله : { فحاسَبْناها حِسَاباً شدِيداً وعَذّبْناها عَذَابا نُكْراً فَذَاقَتْ } .

وقوله : { لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ } ، ابتُلو بالجوع سبع سنين حتى أكلوا العظام المحرقة والجِيَف . والخوف بُعُوث رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسراياه . ثم إن النبي صلَّى الله عليه وسلم رَقَّ لهم فحمل إليهم الطعام وهم مشركون . قال الله عز وجل لهم ، كُلُوا { وَاشْكُرُوا } .