جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (112)

{ وَضَرَبَ{[2780]} اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً } ، أي : جعلها مثلا لمن أنعم الله عليه فكفر بالنعمة فأنزل الله عليه النقمة ، { كَانَتْ آمِنَةً } ، أي : كمكة ، {[2781]} كانت ذات أمن ، { مُّطْمَئِنَّةً } : مستقرة لا يزعج أهلها خوف ، { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا } : أقواتها ، { رَغَدًا } : واسعا ، { مِّن كُلِّ مَكَانٍ } : من نواحيها ، { فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ } ، قد جرت الإذاقة عندهم مجرى الحقيقة ؛ لشيوعها في الشدائد ، فيقولون : ذاق فلان البؤس ، واستعار اللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الجوع والخوف ، ثم إن أهل مكة لما استعصوا فدعا عليه السلام عليهم بسبع كسبع يوسف أصابهم حتى أكلوا العظام المحرقة والجيف ، وأما الخوف فمن سطوة سرايا المؤمنين حتى فتح الله على أيديهم ، { بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } : بسبب صنيعهم .


[2780]:ولما بين أن كل نفس لا تجزى إلا جزاء عملها في الآخرة غير مظلومين في ذلك ضرب مثلا أنموذجا في تحقق ما بين فقال: "و ضرب الله" الخ /12 وجيز.
[2781]:كما نقل عن ابن عباس: القرية المضروب بها المثل مكة ضرب مثلا لغيرها مما يأتي بعدها /12 وجيز.