وقوله : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً . . . }
على وجه التعجُّب والتوبيخ ؛ لا على الاستفهام المحض ؛ [ أي ] وَيْحَكم كيف تكفرون ! وهو كقوله : { فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ } . وقوله : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً } . المعنى - والله أعلم - وقد كنتم ، ولولا إضمار " قد " لم يجز مثله في الكلام . ألا ترى أنه قد قال في سورة يوسف : { إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ } . المعنى - والله أعلم - فقد كَذَبتْ . وقولك للرجل : أصبحتَ كَثُرَ مالُك ، لا يجوز إلاّ وأنتَ تريدُ : قد كَثُرَ مالُك ؛ لأنهما جميعا قد كانا ، فالثاني حال للأوّل ، والحالُ لا تكون إلا بإضمار " قد " أو بإِظهارها ؛ ومثله في كتاب الله : " أَوْ جَاءوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ " يريد - والله أعلم - [ جاءوكم قد حصِرت صدورهم ] .
وقد قرأ بعضُ القرّاء - وهو الحسن البصرِيّ - " حَصِرَةً صدورهم " . كأنه لم يعرف الوجه في أصبح عبد الله قام أو أقبل أخذ شاة ، كأنّه يريدُ فقد أخَذَ شاة .
وإذا كان الأوّل لم يَمْضِ لم يجز الثاني بقَدْ ، ولا بغير قد ، مثل قولك : كاد قام ، ولا أراد قام ؛ لانّ الإرادة شيء يكون ولا يكون الفعل ، ولذلك كان محالا قولك : عسى قام ؛ لأن عسى وإن كان لفظها على فَعَلَ فإنها لمستقبل ، فلا يجوز عسى قد قام ؛ ولا عسى قام ، ولا كاد قد قام ، ولا كاد قام ؛ لأن ما بعدهما لا يكون ماضيا ؛ فإن جئت بيكون مع عسى وكاد صلح ذلك فقلت : عسى أن يكون قد ذهب ، كما قال الله : { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذي تَسْتَعْجِلُونَ } .
وقوله : { وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ } يعنى نُطَفا ، وكل ما فارق الجسد من شعر أو نُطْفة فهو ميتة ؛ والله أعلم . يقول : فأحياكم من النُّطَف ، ثُم يميتكم بعد الحياة ، ثم يحييكم للبعث .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.