قوله تعالى : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنتُمْ } ، قال ابن عباس : هو على وجه التعجب . وقال الفراء : هو على وجه التوبيخ والتعجب لا على وجه الاستفهام ، فكأنه قال : ويحكم كيف تكفرون وتجحدون بوحدانية الله تعالى . فإن قيل : كيف يجوز التعجب من الله تعالى ؟ وإنما يجوز التعجب ممن رأى شيئاً لم يكن رآه أو سمع شيئاً لم يكن سمعه فيتعجب لذلك ، والله تعالى قد علم الأشياء قبل كونها . قيل له : التعجب من الله تعالى يكون على وجه التعجيب ، والتعجيب هو أن يدعو إلى التعجب فكأنه يقول : ألا تتعجبون أنهم يكفرون بالله ؟ وهذا كما قال في آية أخرى { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أولئك الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأغلال فى أعناقهم وأولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون } [ الرعد : 5 ] .
ثم قال : { وَكُنتُمْ أمواتا فأحياكم } ، أي كنتم نطفة في أصلاب آبائكم فأحياكم في أرحام أمهاتكم { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } عند انقطاع آجالكم ، { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } للبعث يوم القيامة ، { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } في الآخرة فتثابون بأعمالكم . قال الكلبي : فلما ذكر البعث عرف اليهود فسكتوا وأنكر ذلك المشركون فقالوا : ومن يستطيع أن يحيينا بعد الموت ؟ فنزل قوله تعالى : { هُوَ الذي خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الأرض جَمِيعاً ثُمَّ استوى إِلَى السماء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سموات وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ البقرة : 29 ] . فإن قيل : كيف يجوز أن يكون هذا الخطاب لليهود وهم لم يكفروا بالله تعالى ؟ فالجواب ما سبق ذكره : أنهم لما أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد أنكروا وحدانية الله تعالى لأنهم أخبروا أن القرآن قول البشر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.