الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (28)

قوله : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ) الآية( {[1332]} ) [ 27 ] .

أي من أين يتجه( {[1333]} ) لكم الكفر بالله مع نعمه عليكم( {[1334]} ) إذ كنتم أمواتاً فأحياكم . أي لم تكونوا شيئاً( {[1335]} ) فأوجدكم .

وفي " كيْفَ " معنى التعجب من فعلهم وليست باستفهام ، ولكنها توبيخ/ وتعجب( {[1336]} ) .

والعرب تسمي الشيء الممتنع ميتاً ؛ يقولون : " هَذَا أَمْرٌ مَيِّتٌ " إذا كان ممتنعاً .

وقيل : معناه كنتم تراباً ، يعني به آدم صلى الله عليه وسلم فجعلكم ذوي حياة .

وقيل : معناه( {[1337]} ) فأحياكم يعني في القبر للمساءلة( {[1338]} ) ثم يميتكم في القبر بعد المساءلة ، ثم يحييكم يوم القيامة . ويلزم قائل هذا أن تكون الآية إنما خوطب بها أهل القبور ، وذلك بعيد إلا أن يحمل على أنه [ خطاب لمن حضر( {[1339]} ) ] . والمراد به آباؤهم وأسلافهم .

ويكون " تكفرون " بمعنى( {[1340]} ) في موضع " كفرتم " وفيه بعد( {[1341]} ) . و " قد " مضمرة( {[1342]} ) مع " كنتم " لأنه حال مما( {[1343]} ) قبله( {[1344]} ) .

وقيل : المعنى أنهم كانوا أمواتاً في أصلاب الآباء ثم أحياهم في الأرحام ، ثم يميتهم في الدنيا عند انقضاء آجالهم ، ثم يحييهم يوم القيامة( {[1345]} ) .

وقيل : المعنى أنه( {[1346]} ) أحياهم إذ أخرجهم من ظهر آدم لأخذ الميثاق ، وقد كانوا أمواتاً لا حياة فيهم( {[1347]} ) .

وقيل : أيضاً : الموتة الأولى هي موتة النطفة في وقت خروجها من الرجل إلى الرحم لأن كل ما( {[1348]} ) في الحي فهو حي حتى [ يفارقه فيكون( {[1349]} ) ] في عداد الأموات ، وكذلك الأعضاء إذا فارقت الحي فهي ميتة ، فكل ما في الإنسان من أعضائه وما يلزم جسده حي حتى يفارقه فيكون ميتاً( {[1350]} ) .

وروى( {[1351]} ) أبو صالح عن ابن عباس أنه قال : " أماته( {[1352]} ) ثم أحياه في قبره –يعني لِلْمُسَاءَلَةِ- ثم أماته( {[1353]} ) ، ثم أحياه يوم القيامة " ( {[1354]} ) . وهذا قول قد تقدم نظيره .

وقال ابن مسعود : " هي مثل قوله : ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ )( {[1355]} )( {[1356]} ) " .

وسترى تفسير هذا في موضعه .

/وقد قيل : إن معنى الآية : وكنتم أمواتَ( {[1357]} ) الذِّكْرِ ، فأحياكم حتى ذكرتم ، ثم يميتكم ، أي يردكم رفاتاً لا تذكرون ، ثم يحييكم للحساب والجزاء فتذكرون .

وهو مروي/ عن ابن عباس( {[1358]} ) . وهو اختيار الطبري( {[1359]} ) .

والهاء في ( إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) تعود( {[1360]} ) على الله عز وجل( {[1361]} ) .

وقيل : تعود على الأحياء للخلود في الجنة ، أو في النار ، أي ثم إلى الأحياء ترجعون( {[1362]} ) . والأول أحسن .


[1332]:- سقط من ع3.
[1333]:- في ع1: ينجه. وفي ع2، ح، ق: ينجي.
[1334]:- سقط من ع3.
[1335]:- في ح: أشياء.
[1336]:- انظر: هذا التوجيه في معاني الفراء 1/23، وجامع البيان 1/427، والمحرر الوجيز 1/157.
[1337]:- في ع3: معنى.
[1338]:- في ق: لمساءلة.
[1339]:- في ع3: خاطب لمن حضر به.
[1340]:- سقط من ع3.
[1341]:- في ق: بعدد.
[1342]:- في ع3: مضرة. وهو تحريف.
[1343]:- في ع3: ممن.
[1344]:- انظر: هذا التوجيه في معاني الفراء 1/24.
[1345]:- انظر: تفسير الغريب 44-45، القول لقتادة في جامع البيان 1/420 والمحرر الوجيز 1/158، وتفسير ابن كثير 1/67.
[1346]:- في ع3: أنهم. وهو خطأ.
[1347]:- والقول لابن زيد في جامع البيان 1/420 وتفسير ابن كثير 1/67.
[1348]:- في ع2: كلها. وهو تحريف.
[1349]:- في ق: تفارقه فتكون.
[1350]:- انظر: معاني الفراء 1/25، وتفسير الغريب 44.
[1351]:- سقط من حرف الواو، من ع2، ع3.
[1352]:- في ع3: أمات.
[1353]:- قوله: "ثم أحياه..ثم أماته" ساقط من ع3.
[1354]:- انظر: المحرر الوجيز 1/158، وتفسير القرطبي 1/429، وتفسير ابن كثير 1/67.
[1355]:- غافر، آية 10.
[1356]:- انظر: تفسيره 2/547.
[1357]:- في ع1، ع2، ق، ع3: أمواتاً.
[1358]:- انظر: جامع البيان 1/424.
[1359]:- المصدر السابق.
[1360]:- في ع3: تعودون.
[1361]:- انظر: مشكل الإعراب 1/84، والإملاء 1/27.
[1362]:- انظر: مشكل الإعراب 1/84، والإملاء 1/27.