معاني القرآن للفراء - الفراء  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

وقوله : { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَكِن قُولُواْ أَسْلَمْنا } .

فهذه نزلت في أعاريب بني أسد ؛ قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعيالاتهم طمعا في الصدقة ، فجعلوا يروحون ويغدون ، ويقولون : أعطنا فإنا أتيناك بالعيال والأثقال ، وجاءتك العرب على ظهور رواحلها .

14

وقوله : { لاَ يَلِتْكُمْ } .

لا ينقصكم ، ولا يظلمكم من أعمالكم شيئاً ، وهي من لات يليتُ ، والقراء مجمعون عليها ، وقد قرأ بعضهم : لا يَأْلِتْكم ، ولست أشتهيها ؛ لأنها بغير ألف كتبت في المصاحف ، وليس هذا بموضع يجوز فيه سقوط الهمز ؛ ألا ترى قوله : ( يأتون ) ، و ( يأمرون ) ، و ( يأكلون ) لم تلق الألف في شيء منه لأنها ساكنة ، وإنما تلقى الهمزة إذا سكن ما قبلها ، فإذا سكنت هي تعني الهمزة ثبتت فلم تسقط ، وإنما اجترأ على قراءتها «يألتكم » أنه وجد { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } في موضع ، فأخذ ذا من ذلك ؛ فالقرآن يأتي باللغتين المختلفتين ؛ ألا ترى قوله : { تُمْلَى عَلَيْهِ } . وهو في موضع آخر : { فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِل } . ولم تحمل إحداهما على الأخرى فتتفقا ولات يليت ، وألَت يألِتُ لغتان [ قال حدثنا محمد بن الجهم بن إبراهيم السمري قال حدثنا الفراء ] .