الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { قالت الأعراب آمنا } قال : أعراب بني أسد بن خزيمة وفي قوله { ولكن قولوا أسلمنا } قال : استسلمنا مخافة القتل والسبي .

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله { قالت الأعراب آمنا } قال : نزلت في بني أسد .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { قالت الأعراب آمنا } الآية ، قال : لم تعم هذه الآية الأعراب ، ولكنها الطوائف من الأعراب .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا } قال : لعمري ما عمت هذه الآية الأعراب ، إن من الأعراب لمن يؤمن بالله واليوم الآخر ، ولكن إنما أنزلت في حيّ من أحياء العرب منوا بالإِسلام على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وقالوا أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، فقال الله { لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم } .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن داود بن أبي هند أنه سئل عن الإِيمان فتلا هذه الآية { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } قال : الإِسلام الإِقرار ، والإِيمان التصديق .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الزهري في الآية قال : ترى أن الإِسلام الكلمة والإِيمان العمل .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص أن نفراً أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم إلا رجلاً منهم ، فقلت : يا رسول الله : أعطيتهم وتركت فلاناً ، والله إني لأراه مؤمناً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو مسلم قال ذلك ثلاثاً .

وأخرج ابن قانع وابن مردويه من طريق الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم قسماً فأعطى أناساً ومنع آخرين ، فقلت يا رسول الله : أعطيت فلاناً وفلاناً ومنعت فلاناً وهو مؤمن ، فقال : لا تقل مؤمن ولكن قل مسلم . وقال الزهري { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } .

وأخرج ابن ماجة وابن مردويه والطبراني والبيهقي في شعب الإِيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الإِيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان » .

وأخرج أحمد وابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الإِسلام علانية والإِيمان في القلب ، ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات ، ويقول : التقوى ههنا التقوى ههنا » .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا } الآية . قال : وذلك أنهم أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة ولا يتسموا بأسمائهم التي سماهم الله ، وكان هذا أول الهجرة قبل أن تترك المواريث لهم .

قوله تعالى : { وإن تطيعوا الله ورسوله } الآية .

أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ { لا يلتكم } بغير ألف ولا همزة مكسورة اللام .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن شهر رمضان فرض عليكم صيامه والصلاة بالليل بعد الفريضة نافلة لكم والله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً » .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله { لا يلتكم } قال : لا يظلمكم .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد { لا يلتكم } لا ينقصكم .

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { لا يلتكم } قال : لا ينقصكم بلغة بني عبس . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الحطيئة العبسي ؟

أبلغ سراة بني سعد مغلغلة *** جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذباً

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة { لا يلتكم } لا يظلمكم من أعمالكم شيئاً { إن الله غفور رحيم } قال : غفور للذنب الكبير رحيم بعباده .