{ قَالَتِ الأعراب } أي بعض الأعراب لأن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر وهم أعراب بني أسد قدموا المدينة في سنة جدبة فاظهروا الشهادة يريدون الصدقة ويمنون عليه { ءَامَنَّا } أي ظاهراً وباطناً { قُلْ } لهم يا محمد { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } لم تصدقوا بقلوبكم { ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } فالإيمان هو التصديق ، والإسلام الدخول في السلم والخروج من أن يكون حرباً للمؤمنين بإظهار الشهادتين ، ألا ترى إلى قوله { وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ } فاعلم أن ما يكون من الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب فهو إسلام ، وما واطأ فيه القلب اللسان فهو إيمان ، وهذا من حيث اللغة . وأما في الشرع فالإيمان والإسلام واحد لما عرف ، وفي { لَّمّاً } معنى التوقع وهو دال على أن بعض هؤلاء قد آمنوا فيما بعد .
والآية تنقض على الكرامية مذهبهم أن الإيمان لا يكون بالقلب ولكنَّ باللسان ، فإن قلت : مقتضى نظم الكلام أن يقال : قل لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا ، أو قل لم تؤمنوا ولكن أسلمتم . قلت : أفاد هذا النظم تكذيب دعواهم أولاً فقيل { قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ } مع أدب حسن فلم يقل كذبتم تصريحاً ووضع { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } الذي هو نفي ما ادعوا إثباته موضعه واستغنى بقوله { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } عن أن يقال لا تقولوا آمنا لاستهجان أن يخاطبوا بلفظ مؤداه النهي عن القول بالإيمان ، ولم يقل ولكن أسلمتم ليكون خارجاً مخرج الزعم والدعوى كما كان قولهم آمنا كذلك . ولو قيل ولكن أسلمتم لكان كالتسليم والاعتداد بقولهم وهو غير معتد به . وليس قوله { وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ } تكريراً لمعنى قوله { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } فإن فائدة قوله { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } تكذيب لدعواهم وقوله { وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ } توقيب لما أمروا به أن يقولوه كأن قيل لهم : ولكن قولوا أسلمنا حين لم تثبت مواطأة قلوبكم لألسنتكم لأنه كلام واقع موقع الحال من الضمير في { قُولُواْ } .
{ وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ } في السر بترك النفاق { لاَ يَلِتْكُمْ } { لا يألتكم } : بصري { مِّنْ أعمالكم شَيْئاً } أي لا ينقصكم من ثواب حسناتكم شيئاً . ألت يألت وألات يليت ولات يليت بمعنى وهو النقص { أَنَّ الله غَفُورٌ } بستر الذنوب { رَّحِيمٌ } بهدايتهم للتوبة عن العيوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.