غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

1

وحين حث عموم الناس على تقواه وبخ من في إيمانه ضعف . قال ابن عباس : إن نفراً من بني أسد قدموا المدينة في سنة جدبة وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر ، وأفسدوا طريق المدينة بالقذاة ، وأغلوا أسعارها وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان فأعطنا من الصدقة ، وجعلوا يمنون عليه فأنزل الله هذه الآيات . أي قالوا آمنا بشرائطه فأطلع الله نبيه على مكنون ضمائرهم وقال : لن تؤمنوا إيماناً حقيقياً وهو الذي وافق القلب فيه اللسان . { ولكن قولوا أسلمنا } يعني إسلاماً لغوياً وهو الخضوع والانقياد خوفاً من القتل ودخولاً في زمرة أهل الإيمان والسلم . ثم أكد النفي المذكور بقوله { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } وفيه فائدة زائدة هي أن يعلم أن الإيمان متوقع منهم لأن " لما " حرف فيه توقع وانتظار . ثم حثهم على الطاعة بقوله { وإن تطيعوا الله ورسوله لايلتكم } أي لا ينقصكم { من } ثواب { أعمالكم شيئاً } يعني الثواب المضاعف الموعود في نحو قوله { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } [ الأنعام : 160 ] ألت يألت بالهمز إذا نقص وهي لغة غطفان . يقال ألته السلطان حقه أشدّ الألت . ولغة أسد وأهل الحجاز لأته ليتاً . وقال قطرب : ولته يلته بمعنى صرفه عن وجهه . فيكون { يلتكم } على وزن " يعدكم " ، وعلى الوجه المتقدم على وزن " يبعكم " . { إن الله غفور رحيم } لمن تاب وأخلص نيته .

/خ18