الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

وقوله تعالى : { قَالَتِ الأعراب آمَنَّا } قال مجاهد : نزلت في بني أسد ، وهي قبيلة كانت تجاور المدينة ، أظهروا الإسلام ، وفي الباطن إنَّما يريدون المغانمَ وَعَرَضَ الدنيا ، ثم أمر اللَّه تعالى نَبِيَّهُ أَنْ يقول لهؤلاء المُدَّعِينَ للإيمان : { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } أي : لم تصدقوا بقلوبكم ، { ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } أي : استسلمنا ، والإسلام يقال بمعنيين :

أحدهما : الذي يَعُمُّ الإيمانَ والأعمالَ ، وهو الذي في قوله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام } [ آل عمران : 19 ] والذي في قوله عليه السلام : " بُنِيَ الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ " . والمعنى الثاني للفظ الإسلام : هو الاستسلام ، والإظهار الذي يُسْتَعْصَمُ به ويحقن الدم ، وهذا هو الذي في الآية ، ثم صَرَّحَ بأَنَّ الإيمان لم يدخل في قلوبهم ، ثم فتح باب التوبة بقوله : { وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ } الآية ، وقرأ الجمهور : { لاَ يَلِتْكُمْ } من لاَتَ يَلِيتُ إذا نقص ؛ يقال : لاَتَ حَقَّهُ إذا نَقَصَهُ منه ، وقرأ أبو عمرو : { لاَ يَأْلِتْكُمْ } من أَلَتَ يَأْلِتُ وهي بمعنى لاَتَ .