معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ قُلۡ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَٰرَةِۚ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (11)

وقوله : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْها } .

فجعل الهاء للتجارة دون اللهو ، وفي قراءة عبد الله : «وإذا رأوا لهوا أو تجارة انفضوا إليها » . وذكروا أن النبي صلى الله [ عليه ] كان يخطب يوم الجمعة ، فقدم دِحْيَة الكلبي بتجارة من الشام فيها كل ما يحتاج إليه الناس ، فضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه ؛ فخرج جميع الناس إليه إلاّ ثمانية نفر ، فأنزل الله عز وجل : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً } يعني : التجارة التي قدِم بها ، { أَوْ لَهْواً } : يعني : الضرب بالطبل . ولو قيل : انفضوا إليه ، يريد : اللهو كان صوابا ، كما قال : { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْما ثُمّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } ولم يقل : بها . ولو قيل : بهما ، وانفضوا إليهما كما قال : { إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فاللهُ أولى بهِما } ، كان صوابا وأجود من ذلك في العربية أن تجعل الراجع من الذكر للآخرِ من الاسمين وما بعد ذا فهو جائز . وإنما اختير في انفضوا إليها في قراءتنا وقراءة عبد الله ؛ لأن التجارة كانت أهم إليهم ، وهم بها أسرّ منهم بضرب الطبل ؛ لأن الطبل إنما دل عليها ، فالمعنى كله لها .